رهان تخسره واشنطن أمام بكين

01:12 صباحا
قراءة 3 دقائق

سليمان جودة

خرج الرئيس الصيني شي جين بينغ على العالم في صباح الأحد 23 من هذا الشهر فقال في خطابه: إن العالم يحتاجنا ونحتاجه.

كان الرجل يخطب في ختام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الحاكم في البلاد، وكان المؤتمر قد بايعه رئيساً لفترة ثالثة، وكان هو قد عاش يحكم عشر سنوات بدءاً من عام 2012، إلى أن انعقد مؤتمر الحزب وأطلق الولاية الثالثة لست سنوات أخرى.

ولم تشأ وسائل إعلام كثيرة في العالم أن تجعل هذه الفرصة تفوت، دون أن تقارن بين الرئيس شي، والزعيم الصيني ماو تسي تونغ، ثم تقول إن شي هو الزعيم الأقوى في الصين منذ رحيل ماو في 1976.

ولا بد أن هذه المقارنة صحيحة في جانب من جوانبها، ولا بد أن لها أرضيتها التي تتكئ عليها، ولا بد أن شي قد قدم لبلد المليار و400 مليون مواطن، ما يبرر أن تنعقد مقارنة كهذه بينه وبين ماو التاريخي الذي لم يكن أحد يقارنه بآخر من قبل.

وليس من الصعب أن تعثر على أساس من بين الأسس التي تقوم على أساسها مثل هذه المقارنة، لأن ماو إذا كان قد وضع القواعد التي حملت الصين إلى العصر الذي نعيشه، فإن شي جين بينغ كان شاهداً على وقوف الاقتصاد الصيني في المرتبة الثانية خلف الاقتصاد الأمريكي بشكل مباشر.. كانت الصين قد وقفت في المرتبة الثالثة وراء اليابان وأمريكا إلى سنوات قليلة مضت، ولكن لم يهدأ لها بال إلى أن قفز اقتصادها فوق الاقتصاد الياباني واحتل مكانته الثانية عن استحقاق.

ولا يزال خبراء الاقتصاد حول العالم يرشحون اقتصاد الصين لاحتلال المرتبة الأولى، أياً كان المدى الزمني الذي يمكن أن يتحقق فيه هذا الهدف.. فمن الواضح للمتابعين أنه هدف حاضر أمام الحكومة الصينية، ومن الواضح أن السقف الزمني لا يشغلهم كثيراً على اعتبار أنه في النهاية سيجيء.

ولا بد أن هذا المعنى تلمسه في الشعار الذي رفعه الرئيس الصيني على رأس ولايته الثالثة فقال عبارة من كلمتين هما:«لنعمل بجد».

وحين تضع هذا الشعار الموجز أمام حديث شي في مؤتمر الحزب، عن أن العالم يحتاج الصين وأن الصين تحتاج العالم، تشعر بأن الصينيين يريدون أن يعملوا في هدوء، وتشعر بأنهم يرغبون في أن يكون التعاون لا الصراع هو عنوان علاقتهم بهذا العالم.

وربما لهذا السبب تبدو الصين حريصة على ألا تنحاز الى طرف من طرفي الحرب الأوكرانية، لأنها تعرف أن استمرار هذه الحرب يضر باقتصادها حتى ولو لم تكن طرفاً فيها.. وقد ظهر هذا واضحاً في حجم قائمة صادراتها وتراجعه منذ قامت الحرب في الرابع والعشرين من فبراير(شباط).

ولا تزال بكين تدير صراعها مع واشنطن بحكمة ظاهرة، ولا تزال تضبط أعصابها ولا تسمح لنفسها بالإنجرار وراء استفزازات أمريكية، لا تكف الولايات المتحدة عنها يوماً بعد يوم.. وفي شأن جزيرة تايوان على سبيل المثال، فإن حكومة شي قد ضبطت أعصابها لأبعد حد، عندما أصرت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، على زيارة الجزيرة رغم تحذيرات الصين المتكررة.

كانت عواصم العالم قد راحت تترقب في أثناء الزيارة، وكان العالم يضع يده على قلبه، ولكن التنين الصيني أثبت أن استفزازه ليس بالأمر السهل، وأن واشنطن إذا كانت قد راهنت على أن تستفزه فإنها قد خسرت أمامه الرهان.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8a6mu8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"