وسائط التواصل ومستقبل اللغة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل لك في دردشة في شؤون العربية بعد عقدين؟ أدمغة البحث العلمي لم تجد وقتاً حتى لوضع الموضوع على جداول الأعمال المرصوفة على الرفوف. القصة بإيجاز: عشرات الملايين العرب، يقضون ما لا يقل عن خمس ساعات يوميّاً، تحت شموس المعارف والعلوم المشرقة في آفاق التغريد. فما مستقبل العربية والثقافة، إذا كانت تلك روافد؟
في سبيل المقارنة بالاختبار، يجب تحويل الموضوع إلى فكرة مجرّدة، وتطبيقها في مجال مختلف. هنا، ننقل المشهد إلى صورة جسم يتغذّى. نحتاج إلى شيء من توابل المبالغة، فنتخيّل أن دماغاً أهمّ غذائه الثقافي العلميّ، مئات التغريدات، سيكون ذلك بمثابة بدن في طعامه اليومي كمّيات من السكر والملح والدهون الضارّة والملوّنات والنكهات الكيميائية واللحوم غير الطازجة المعالجة بالخلطات السرّيّة لستر عيوبها، مع إهمال القواعد الصحيّة والفحوص المنتظمة. فماذا بعد عقدين أو أربعة؟ ذلك الدماغ يتوهم أنه حريص على تحديث قواه بكل جديد، في حين أن وسائط التواصل تستدعي دراسات من قبل المتخصصين، لأنها أضحت أدوات ضرورية. هي مفيدة إذا امتلك الناس زمامها.
للأسف، يقدّم مستوى التغريدات في العالم العربي، صورة سلبيّة. لك أن تذكر منها: كثرة الأخطاء اللغوية، ما قد يعطي فكرة غير واقعية عن تداعي قواعد القواعد، ونسأل الله أن تكون خاطئة وكيد حسود أفّاك أشر. عندما كان الناس يبلعون مصنفات النحو والبلاغة، كما يبتلع الناس اليوم أقراص المكمّلات الغذائية، كان النحاة أنفسهم يردّدون أورادهم الشهيرة: «النحو صنعتنا، واللحن عادتنا»، مع ذلك الشعر الطريف: «ترنو بطرف فاتنٍ فاترٍ.. أضعف من حجّة نحويِّ». من العيوب المكشوفة أيضاً، ندرة الأفكار الإيجابية والإضافات المفيدة، والردود السريعة الاشتعال، بحيث يلوح الكثير من المغردين وكأنهم في انتظار اقتناص أيّ ذريعة للشجار. أمّا الظاهرة التي تدلّ على غياب التوعية العلمية، فهي متعددة الجوانب، منها أن إثقال الشبكة بالمهملات ينمّ عن عدم إدراك لآثار أدنى نقرة من الحاسوب أو الجوّال، وما تستهلكه من طاقة تشغيل وتخزين، عابرة من أيّ بلد إلى الخوادم في السويد والولايات المتحدة والصين. التوعية ترينا أن لمليارات البيانات يومياً أثراً في رفع حرارة الأرض.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: هل نستطيع أن نلغي من أذهاننا أن هذا الموضوع اللغوي ليس لغواً؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ydnz2u2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"