وسام لبيت الشعر

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

استحق بيت الشعر في الشارقة جائزة الأمير عبدالله الفيصل للشعر العربي في دورتها الرابعة في فرع أفضل مشروع في خدمة الشعر العربي. وبيت الشعر في الشارقة مشروع ثقافي في جوهره وصميمه بأبعاد عربية من خلال إنشاء بيوت الشعر في عدد من البلدان العربية، انطلاقاً من فكرة وأداء بيت الشعر في عاصمة الشعر والمسرح والكتاب والنشر والفنون.
الجائزة تحمل اسم رمز شعري عربي أصيل، جعل من هذا الفن التاريخي ذائقة سمعية يومية، وحين نقرأ عبدالله الفيصل، إنما نقرأ المستوى الرّاقي في الشعرية العربية، ونقرأ الجماليات الشعبية في النص النبطي، كما نقرأ الجماليات البلاغية واللغوية والصورية في النصّ الفصيح، فصاحب «وحي الحرمان» الذي صدر في عام 1953 يقارب في شعره بين النبطي الشعبي، وبين العمودي الخليلي الفصيح. وفي الحالين يمكن القول عن تجربة عبدالله الفيصل الرومانسية الغنائية، إنه شاعر القلب بامتياز، جعل من الشعر موازياً جمالياً للموسيقى والغناء، وانتقلت عبر الغناء كل قيمه الإنسانية الرفيعة إلى أجيال وأجيال من أبناء الوطن العربي من خلال ظاهرة غناء عربي مُوحِّد للقلوب والوجدانيات من شرقي بلادنا العربية وحتى مغربها، كرّسها في عواطفنا الجمعية، فنانون كبار في تاريخ الغناء العربي: أم كلثوم، عبدالحليم حافظ، نجاة الصغيرة، فايزة أحمد، طلال مدّاح، محمد عبده.. على سبيل المثال فقط لا الحصر.
هذا جانب موجز من هذه الشخصية الأدبية العربية المرتبطة بالجائزة التي ذهبت بجدارة إلى بيت الشعر في الشارقة.
تأسس هذا البيت الإبداعي الأدبي الثقافي في عاصمة الجمال في عام 1997، ومنذ ذلك الوقت وحتى كتابة هذه السطور يعمّق بيت الشعر في الشارقة أخلاقيات وآداب وفنون وثقافة ديوان العرب بين روّاده من مختلف الأعمار والجنسيات والأديان، وجعل من الشعر ملتقى صداقات أسبوعياً، وجمع في رحابه مئات الشعراء الإماراتيين والعرب قرأوا نصوصاً محترمة تؤكد دائماً وأبداً، ثقافة الخير والمحبة والجمال.
بيت الشعر في الشارقة مفصل مهم من مفاصل مشروع الشارقة الثقافي، وأخذ البيت الواحد يبني بيوتاً أخرى في مصر، والأردن، وتونس، وموريتانيا، والمغرب، وتبنّى بيت الجمال والرفعة الأدبية في الشارقة، تنظيم ملتقيات ومهرجانات شعر دورية سنوية في الشارقة، وفي البلدان العربية، ليصبح الشعر هوية عربية مُوحِّدة فعلاً وقولاً وسلوكاً وثقافة بكل محبة وصداقة بين الشعراء العرب.
لقد تزامن هذا التكريم لبيت الشعر في الشارقة مع مناسبة ربما انتبه إليها البعض، وهي مرور ربع قرن أو نحو ذلك على تأسيسه في عاصمة الثقافتين العربية والإسلامية. وبحساب بسيط نستنتج أن 25 عاماً من القراءات والمهرجانات والغبطة الأدبية المتجددة قد أتاحت للمئات من الشاعرات والشعراء العرب أن يقدّموا أنفسهم وتجاربهم الكتابية على منبر البيت، وأمام جمهور نقدي تعلم بالتراكم طيلة الربع قرن هذا كيف يميّز بين الجيد وغير الجيد من الكتابة العربية، كما وتعلّمنا من بيت الشعر في الشارقة كيف نميّز إيقاعياً ووزنياً بين النصوص المتنافسة على منبر البيت، أي بكلمة ثانية، كَوّن بين الشعر ثقافة نقدية لجمهوره العربي؛ بل وكوّن أيضاً زمناً شعرياً عربياً يتجه إلى أدب الحياة، وأدب الجمال.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/eeduxr7v

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"