أهمية القمم العربية الصينية

00:44 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

شهد العالم في الأعوام الثلاثين الماضية تغييرات استراتيجية وتحالفات جديدة، يمكن وصفها بتحالفات ما بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفييتي السابق، حيث اشتد بشكل ملحوظ التنافس الأيديولوجي السياسي والاقتصادي، ولا سيما بين الولايات المتحدة والصين الشعبية التي حافظت على النظام الاشتراكي الذي يمكن اعتباره في التجربة الصينية، مزيجاً من الاشتراكية والرأسمالية، أو ما يسمى اقتصاد السوق.

ومع تنامي الاقتصاد الصيني الذي بات يمثل تحدياً حقيقياً لهيمنة الولايات المتحدة والقوى الغربية، على العالم، ركزت بكين اهتمامها على كثير من دول العالم ومنها الدول العربية التي أصبحت شريكاً تجارياً مهماً بالنسبة للصين، لا سيما مع تبنّي الصين مواقف داعمة للقضايا العربية.

ومن هنا تأتي أهمية القمم الثلاث التي شهدتها المملكة العربية السعودية، والتي تعتبر الأهم منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والصين في يوليو/تموز 1990.

وتعد هذه القمم التي جاءت خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى المملكة، دفعاً قوياً في مسيرة تعزيز التعاون بين بكين والدول العربية، خاصة أنها عقدت بمشاركة كثير من الدول العربية، ولا سيما أنها شهدت توقيع الصين والسعودية اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة، فضلاً عن تمتين العلاقات العربية الصينية عامة،

وهو ما أكدته الخارجية الصينية التي أشارت إلى أن زيارة شي جين بينغ «تعد النشاط الدبلوماسي الأوسع نطاقاً بين الصين والعالم العربي» منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.

أما لو توقفنا عند القمة الصينية الخليجية، فإننا نرى أن هذه القمة تأتي استكمالاً للتعاون الكبير بين الصين والدول الخليجية العربية، بسبب عدة عوامل، أهمها حالة الاستقرار التي تشهدها هذه الدول، والإمكانات الاقتصادية الكبيرة التي تمتلكها.

ويمكن القول إن القمم الثلاث التي شهدتها الرياض، شكّلت تحولاً كبيراً في تاريخ العلاقات العربية الصينية، وهذا من شأنه أن يعزز مكانة الصين التجارية والسياسية في المنطقة، وهو ما رأت فيه الولايات المتحدة تزايداً مقلقاً لما أسمته النفوذ الصيني في المنطقة، محذّرة من سعي الصين إلى زيادة نفوذها حول العالم.

فقد أعلن الناطق باسم البيت الأبيض، جون كيربي، أن ما وصفه محاولات الصين توسيع نطاق نفوذها حول العالم، «لا يتلاءم مع النظام الدولي»، على حد قوله، مضيفاً أن الولايات المتحدة في وضع يتيح لها القيادة في إطار هذه المنافسة الاستراتيجية.

والحقيقة أن من يتتبع السياسة الصينية في العالم، يرى أن بكين تعتمد في تعاطيها مع العالم سياسة ناعمة تعتمد على الجانب الاقتصادي والاستثماري في تعزيز مصالحها الاستراتيجية وانتهاجها سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها، ودعمها برامج التنمية في الدول النامية والتي لمستها شعوب تلك الدول بكل وضوح.

ولعل هذا ما يميز السياسة الصينية عن السياسة الأمريكية وازدواجية المعايير وربطها بالجانب الاقتصادي وسياسيات الدعم والإقراض، والتدخل في شؤون الدول تحت كثير من اليافطات والعناوين؛ الأمر الذي جعل منها سياسة ممجوجة؛ بل مرفوضة من قبل كثير من الشعوب، ولا سيما الفقيرة منها والمستضعفة.

ولعل هذا ما دفع العديد من الدول في العالم، ولا سيما في إفريقيا والشرق الأوسط، إلى الاتجاه شرقاً وتوسيع علاقاتها مع الصين وروسيا، وهذا الانفتاح على الاقتصاديات الكبرى في الشرق وفي مقدمتها الصين، يعد شاهداً قوياً على تغيير

في الاستراتيجية بالنسبة لكثير من الدول، ولا سيما التي كانت تعتمد على الولايات المتحدة، نظراً للمتغيرات التي يشهدها العالم، ولا سيما بعد الحرب في أوكرانيا، وما خلّفته من آثار اقتصادية وأزمات عالمية في مقدمتها أزمتا الطاقة والغذاء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5a2esydu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"