صانع المحتوى الآلي

هناك نظام جديد بدأ يثير بهجة الكثيرين وقلقهم في آن، فهذا الباحث الروبوت «شات جي بي تي» يتمتع بمهارات البحث والاتصال بشكل ملحوظ، ويمكن للباحث أن يطرح أسئلة مختلفة ليجد إجاباتها خلال ثوانٍ معدودة، كما أنه قادر على تحضير وثائق، نشرات وكذلك مدونات متوسطة الطول حول آلاف المواضيع، وقد يكتب شعراً رديئاً أو قصة غير متناسقة بلغة ممتازة عربية أو إنجليزية ولم أجرب اللغات الأخرى بعد، فما هو؟، وكيف سيغير عالم صناعة المحتوى؟.
شات جي بي هو نموذج تعلم آلي تم تدريبه بواسطة «أوبن أي آي» قادر على الاقتراب من تجربة الإنسان في الكتابة حتى اللحظة، ويمكنه شرح موضوعات معقدة ببساطة مثل الحوسبة، أو كتابة نصوص إبداعية بمناسبة عيد ميلاد، أو تقديم حلول لمعالجة خطأ حوسبي أثناء برمجة تطبيق ما، وهو ذو قدرة كبيرة في التذكر، والتفاعل مع الطلبات المتتالية للمستخدم، كما أنه مدرب على رفض الإجابة عن الطلبات غير الأخلاقية، وغير قادر على تقديم معلومات شخصية ومستقبلية.
مما لا شك فيه أن هذا النظام سيمثل فائدة كبيرة للشركات؛ حيث إنه يمكن أن يدعم خدمة العملاء عبر إجراء المحادثات وتوفير المعلومات عن الخدمات والمنتجات، كما يمكن استخدامه لجمع المعلومات واستطلاعات الرأي، بالإضافة إلى التسويق بالمحتوى، من خلال الاستفادة من معالجة اللغة الطبيعية وتقنية «جي بي تي ٣» لإنشاء محتوى ملائم لتلبية احتياجات الجمهور المحددة، كما أنه قادر على البحث عن المحتوى وتنظيمه من مصادر مختلفة، مما يمكن أن يساعد في إنشاء استراتيجية محتوى متسقة وقيّمة، تعزز فرص المشاركة وتوجيه تدفق الجمهور للمواقع الإلكترونية أو منصات التواصل الاجتماعي.
للوهلة الأولى يبدو هذا النظام حلاً سحرياً لكتاب المحتوى والمسوّقين على منصات التواصل الاجتماعي؛ إذ إن مخرجاته معقولة ومقبولة، ولكن مع غياب اختبار للصحة لا يمكننا أن نكون متأكدين من الحقائق التي ينتجها، والأمر أشبه بالتحدث مع شخص تتجاوز ثقته كفاءته، مما يعني أنه لا يعلم حقاً ما الذي يتحدث عنه ولا يهتم. كما أنه محدود كنظام قيد التجربة العامة لا يعتمد على الشبكة في إجاباته، وهو غير مطلق الدقة، وقد ينتج توجيهات ضارة أو منحازة، كما أن معلوماته لا تشمل ما بعد عام ٢٠٢١، مما يجعل التدخل البشري ضرورة لا بد منها لإنشاء محتوى عالي الجودة، سمته التفاعل الإنساني والذكاء العاطفي، الذي تفتقر إليه هذه الأنظمة.
[email protected]