صحتي ونفسي

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

يغادرنا عام آخر، ونستقبل رقماً جديداً في حياتنا، سيسألنا الكل ما هي أهدافك، ماذا تريد أن تحقق، وكيف ستخطط لتصل لما تهدف له، ولن يسألك أحد سؤالاً أهم: هل أنت بخير؟ هل صحتك النفسية ضمن خططك وهل ستعوض كل ما مررت به عاماً بعد عام؟

نحن نغفل كثيراً عن إنسان مهم يعيش معنا، عني «أنا» وعنك أنت في وقتك الحاضر، وما مررت به في الماضي، ليس سراً اليوم أننا كلنا نمر في وقت من حياتنا بإحساس مؤلم، بتخبطات، بمشاعر لا نعرف ماهيتها، ولا ندرك لماذا نحس بكل ما يجعلنا في حضور كل من نحب، وفي لحظات جميلة عزيزة لسنا حاضرين، والحزن يعترينا، ونحس بأن الكون ضاق علينا وهو رحب، ولا إحساس بالأشياء، فقدنا الوقت والزمن وكل ما من شأنه أن يرفعنا ويفرحنا..! الجواب ببساطة: نحن بشر ومشاعرنا وأحاسيسنا وما نمر به من مواقف، تجارب مع البشر ومع أنفسنا تستحق منا أن نقف ونتعلم كيف نستقبلها، نحللها ونتخلى عنها بعد أن نتصالح مع أنفسنا.

لن أنكر، وبصفة شخصية أن عام 2022 كان أصعب الأعوام بالنسبة لي من الناحية النفسية، فبعد فقد جدتي «أمي» في 2021، تحولت كل المشاعر لمسار مختلف حتى أنسى، وفي 2022 مررت بتجربة قاسية جعلتني أدرك أن الألم الذي أمر به ليس عادياً وأن نسبة الوعي عندي بصحتي النفسية جداً قليل. لم أتعلم كثيراً من قبل عن صفات البشر، عما يقومون به وماهي الانعكاسات التي طرأت وكيف تأثيرها، فتوقفت؛ قرأت، سمعت ووجدت من يفهمني ويساندني، حتى أدركت ما معنى كلمة «التعافي»، والإدراك.

ليس عيباً أن نبكي، أن نخبر من حولنا أننا لسنا بخير، أن نطلب الفهم، وأن نفهم أنفسنا، لنخطط لأنفسنا في عام 2023، سنقرأ أكثر، سنبحث أكثر وستكون لدينا الشجاعة لأن نصرح بما يعترينا، ليكن عاماً لأنفسنا وذواتنا وحقنا عليها، الحياة أجمل وأهم حين نجعل لراحتنا مكاناً كبيراً فيها، حين ندرك أن قسوة الآخرين هي اختيارهم واختيارنا التجاهل والتخلي، أن أخلاق الآخرين هي نتاج ما مروا به، ولا شيء يجبرنا على أن نتحملهم، لنتعلم أن نفهم الإشارات التي تصلنا كرسائل من الله، وأن انقباضة القلب ليست عبثاً، لنهجر المؤذين وما يؤذينا، لننعم بأوقات أكثر مع من نحب، وأهم ما يجب أن نحب هو «نحن».

أحبب نفسك، دللها، علمها، سافر معها، اسعد معها، تلذذ بوجبة طعامك، بساعة قراءتك، بكوب الشاي، بحب الله، بالذكر، بالطمأنينة وبالروحانية واختر أبواب السعادة الحقيقية، ليس سهلاً أن نتغير، وليس سهلاً أن أقول لك فكر بنفسك وصحتك، وتخلَّ، فهو قرار صعب، قرار فيه إغلاق للأبواب والمشاعر، قرار لحياة مختلفة جديدة، قد لا نكون بعد مستعدين لها، لكنه القرار الأهم وعلى قدر صعوبته تأتي أحقيته في كل ما نفعل. تحرر وعش.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ufshf54

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"