نقطة نظام للشعر العربي

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل حان وقت مساءلة الشعر العربي عن حقيقة اضطلاعه بدوره في المصير العربي؟ أليس من حق الشعوب العربية أن تقول له: ألا ترى نفسك مثل قساوسة بيزنطة، يتجادلون في جنس الملائكة، بينما الأسوار تدكّها المنجنيقات العملاقة؟ العالم العربي يقطّع الطامعون أوصاله وأنت أيها الشعر مشغول بتقطيع التفعيلات وتعداد المقاطع الصوتية. أين صوتك لإيقاظ الأمّة من رقدة العدم، فقد هبّت شعوب من منيّتها.
نقّادك أيها الشعر العربي يُهلوسون أذهان شعرائنا بالنظريات المستوردة، يريدون أن يكونوا فلاسفة بلا فلسفة. نقّاد عرب كثْر بهلوانيات نصوصهم أعسر فهماً من هيجل وكانط. نظريات النقد الأدبي ليست قوانين فيزيائية كونية عامة ثابتة. ابن رشيق شيء ومحمد مندور شيء آخر، أمّا بين مارون عبّود ورولان بارت فالبوْن نجومي، الفارق يتمثل في اختلاف النموذج الفكري (باراديجم). 
تُرى لماذا فقد النقد حضوره؟ لأن إبداع النصوص غِيض ماؤه، وأقلعت سماؤه. كان الله في عون من يجرؤ على البوح بأنه لا يفهم ما يقول النقاد المتفلسفون، فالرد لن يكون تمّامياً ساخراً: «ولماذا لا تفهم ما يقال؟». سيكون الرد هجائياً حطيئوياً دعبلياً.
نسأل شعراءنا العرب: الأمم الكبرى تتأهب لأخذ حصتها من كعكة المستقبل، ونحن على أبواب تحولات جيوسياسية وجيوستراتيجية كبيرة على صعيد إعادة ترتيب قواعد اللعبة الدولية، فهل عقدتم العزم على أن يكون للشعر والأدب والثقافة دور يفرض وجوده على الساحة العالمية، دور في الأمن الثقافي، دور محرك نهضوي للإرادة والطموح؟ 
المقصود ليس التجنيد العسكري للثقافة، فالأهم هو إيجاد البيئة العربية التي تساعد على الإبداع بتغيير المعايير الأدبية ومنظومة القيم الثقافية. إذا كانت الرقابة سيئة وسلبياتها كثيرة، فإن ترك الآداب والفنون بلا منظومة قيم ومن دون حراسة أسوأ ألف مرة.
الشعراء العرب يقيناً يدركون الغايات البعيدة التي كانت وراء تأسيس بيوت الشعر، بتوجيه ورعاية وتمويل من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة. المرمى أبعد بكثير من مجرد افتتاح نوادٍ يلقي فيها الشعراء أشعارهم. هذا هدف حاصل متحقق في كل الأحوال، فلا تخلو مدينة عربية من مراكز ثقافية. الحفاظ على الشعر كركن أصيل عريق وينبوع أوّل للأدب والثقافة العربيين، هو الآخر تحصيل حاصل بأي حال. الغاية الكبرى من بيوت الشعر ومهرجان الشعر في الشارقة، هي إحياء الطموح، وفجر الأمل الباسم الصبيح، في العقل والروح.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: بيوت الشعر الشارقيّة في البلاد العربية، عقد فريد للمّ الشمل الثقافي، ولإعادة الشعر العربي إلى رشد دوره وأمانته.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mprd3tst

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"