عادي

«غاندي جودسي».. حرب أيديولوجيا على شريط سينما

17:03 مساء
قراءة 3 دقائق
مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
مشهد من فيلم غاندي
من فيلم غاندي وطرح أفكاره
  • أحمد جولشين: رسالة غاندي للسلام لا تسقط بالتقادم


دبي: مها عادل

طرحت شركة «فارس فيلم»، الأربعاء، بدور السينما في الدولة «غاندي جودسي» الفيلم الذي تدور أحداثه في إطار الدراما التاريخية، مغلفاً بقالب وثائقي، سارداً الفترة الأخيرة من حياة وكفاح المهاتما غاندي بعام 1948، عقب استقلال الهند، وتصاعد الأحداث بعد تقسيم الهند وباكستان، راصداً دور غاندي وكفاحه السلمي في مواجهة العنف والعداء بين الهندوس والمسلمين في تلك الحقبة، ومجهوداته السلمية في نشر ثقافة التسامح والتعايش بين الشعوب، وصولاً إلى حادثة اغتيال غاندي.

تناول مخرج الفيلم راجكومار سانتوشي، رؤية مغايرة للتاريخ، وإعادة تخيل لواقع بديل؛ حيث يفترض السيناريو نجاة غاندي من الهجوم، وسعيه للتقارب مع القاتل «جودسي»، ومناقشة أفكاره، وتغييرها عبر طرح نقاش غير متحيّز حول الأيديولوجيات المتضاربة بين مؤيد اللاعنف وقاتله، ومثل هذه الفرضية تجذب بالفعل نصيبها من الجدل.

مناظرة فنية بين رؤى غاندي وقاتله، من خلال الفيلم الذي يقدم قضية مثيرة للجدل، برصد صراع الأفكار والأيدولوجيات بين غاندي رمز السلم ونبذ العنف، وبين أيدلوجيا معارضيه التي تسبّبت في اغتياله؛ حيث يتناول أفكار جماعات المعارضة التي يمثلها «جودسي»، ويمنحها الفيلم مساحة جيدة لطرح هذه الأفكار وتقديم مبرراتها.

ورغم أن صناع الفيلم لم يتحيزوا لآراء معارضي غاندي، ومنحوا أيديولوجيات السلم والتعايش مساحتها وتقديرها، إلا أن التقرب من شخصية المتطرف وفهم دوافعه ووضعه في مناظرة مع أفكار السلم بعد مرور كل هذه السنوات من إدانة القاتل وفي هذا التوقيت، في حد ذاته قد يثير الجدل لدى البعض.

الطابع الوثائقي يغلف التناول الدرامي للفيلم، من حيث الاهتمام بتوثيق المواقف والأحداث بعرض قصاصات من الصحف التي تناولت الحدث في الواقع، إلى جانب استخدام محكم من صناع الفيلم للقطات أرشيفية تذكرنا بالأحداث التاريخية المهمة التي تدور داخل سياق الفيلم.

من الناحية الفنية، لعبت أماكن التصوير دوراً بارزاً في مصداقية أحداث الفيلم، فاختيار الأماكن الريفية والتربة البكر ومظاهر الفقر والبساطة الناطقة بالوجوه تتطابق مع الصور الأرشيفية التي يطالعنا بها الفيلم من حين لآخر، وبالكفاءة نفسها، استخدم المخرج نوعاً من الإضاءة الصفراء ليصحب المشاهد بصرياً بسلاسة نحو الأجواء التاريخية للأحداث من دون عناء، فالماضي يتجسد بالفيلم بالصوت والصورة والأجواء التي تعبق بالتاريخ، ونجحت الموسيقى التصويرية في تضخيم مشاعر الفرح والحزن والانكسار والحماس، بطريقة احترافية تُحسب لصناع الفيلم.

استعرض المخرج مدى قدرته على امتلاك أدواته في مشاهد المعارك والصدامات والمطاردات باستخدام العربات القديمة والسيوف والبنادق في فترة الأربعينيات، كما برهن على خبرته في إدارة المجاميع في المظاهرات والاعتصامات؛ حيث كل فرد من المجاميع أو «الكومبارس» له دور معين وأداء مميز، وحركة الكاميرا والمونتاج ساعدا في تدعيم الجانب الفني في هذه المشاهد.

التشابة بين الممثلين وأبطال القصة الحقيقية، وصل حد التطابق، واختيار بطل الفيلم ديباك أنتاني (شخصية غاندي) كان موفقاً، فهو يتمتع بنفس الملامح ونظرة العين وحجم الجسم والابتسامة المسالمة الشهيرة، وتقمص الممثل للدور أنسى المتفرج أن غاندي مات منذ 70 عاماً، وقام بدور «جودسي» الفنان تشينماي ماندليكار، والموسيقى تأليف أي أر.رحمان.

حياة وكفاح

على هامش العرض الخاص للفيلم بستار سينما، وتعليقاً على افتتاح الفيلم بدبي، قال أحمد جولشين، موزع الفيلم، ورئيس شركة فارس فيلم، خلال العرض الخاص: «أعتز كثيراً بالفيلم الذي يتناول جانباً من حياة وكفاح «غاندي»، فعلاقتي بهذه الأسطورة البشرية تعود لسنوات طويلة عندما كنت ناشراً ببداياتي، ونشرت كتاباً عن غاندي، وعن مجموعة من الرموز التي دعمت حالة السلم بالعالم باستخدام «الحوار»، وليس بالسلاح مثل مارتن لوثر كنج ونيلسون مانديلا، وهذا الفيلم الذي يعيد للأذهان روعة نشر ثقافة السلام والتسامح على أيدي الأسطورة البشرية «مهاتما غاندي»، فيلم قوي بما يكفي ومنافس شرس يتحدى أكبر الأفلام التي تعرض بدور السينما في الفترة نفسها، وعلى رأسها فيلم شاروخان «باتان» الذي انطلقت عروضه في نفس التوقيت، وأتوقع أن ينافس بقوة لما يتمتع به الفيلم من إمكانات، ويعيد إحياء رسالة أحد عظماء العالم، وهي رسالة لا تسقط بالتقادم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/426nsxnn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"