بناء النماذج كأدوات تعلم

22:06 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي *

تستخدم بعض الدراسات فضاءات العمل مفهوماً يحاول أن يغلف الطبيعة التفاوضية للتعلم وغرضه.
تولي الدراسات المتراكمة عن موضوع التعلم من أجل التنمية تركيزاً عما إذا كانت هناك أنماط محددة من التعلم الرسمي يمكن أن تؤدي إلى محترف أو مهني تنمية أكثر مرونة يقوم «بأداء الأشياء بشكل أفضل» وإنجازها على نحو مختلف. وتتضمن «دراسات للحالة» التي عرضت في الغالب صعوبات تحقيق تعلم تحرري ومشترك من أجل التنمية أكثر مما كشفت عنه هذه الدراسات قوة تلك العملية، كما عرضت دراسات الحالة أيضاً عدة مداخل لدعم والارتقاء بالتعلم- بعضها مقصود وأخرى تظهر أقل تعمداً وقصداً ولديهم كلهم بعض القيمة.
واستخدمت تلك الدراسات النماذج باعتبارها أدوات تعلم، ومن نواحي كثيرة فالعمليات التي تم تحليلها في دراسات الحالة، نجد فيها بعض صفات النماذج، تبسط نماذج الواقع بطرق تمكننا من ان نري كيف تعمل، بطبيعة الحال، نجد الواقع دائماً أكثر تعقيداً من النموذج، إلا أن النموذج يخدم الباحثين في وضع عناصر رئيسية تماماً والتي حولها يستطيعون البدء بفهم الشيء المعقد، ويمكنهم من بناء نماذج لوقائع مختلفة تمكن الباحثين من مقارنتها، وعملية بناء النماذج نفسها تعتبر أيضاً عملية تعلم، كما يمكن بناء النماذج من عدة ظواهر اجتماعية مختلفة على المقياس المجتمعي (مثل النماذج الاقتصادية الكبيرة): ولتحليل العمليات (كيف يحدث التغيير، أو كيف أن التدخل يسفر عنه تغييراً، ودور المشاركة في التنمية) ؛ ولتبيان كيف أن ظاهرة واحدة تسبب حدوث ظاهرة أخرى، ولعرض البناءات ولتوضيح العلاقات (مثل تلك التي بين الافراد ومؤسساتهم).
ونلاحظ أن هناك توتراً بين فهم النماذج الضمنية والنظرية الضمنية واقتراح النماذج طرقاً للارتقاء بالتعلم وتعزيزه. وتشير دراسات لهذا التوتر في حالة جماعات الممارسة، أن مفهوم جماعات الممارسة هو نظرية اجتماعية للتعلم التي تشرح الطبيعة الكائنة للتعلم خاصة الخلفيات والمحيطات الاجتماعية والقائمة على الجماعة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كانت جماعات الممارسة تستخدم بشكل معياري لاقتراح وسيلة لتحقيق التعلم الجمعي وتعلم الفعل، هناك أيضاً مثل هذه التوترات فيما يتعلق بأبعاد عمليات التعلم، على سبيل المثال التعلم شبه البنائي وأشارت دراسات إلى أهمية بناء مشروعات مشتركة وقيمة تشاركية وفوق كل ذلك الثقة، إلا أن كثيراً من هذه العمليات هي ذات مدى طويل وليست قصيرة المدى بالمعنى التاريخي أكثر من المعنى المقصود ربما تكون خواص ناجمة عن ديناميات اجتماعية معينة (القوى الاجتماعية المحركة) التي يمارس عليها تحكم توجهي محدود.
التحدي الحرج الذي طرحه أصحاب نظريات ما بعد التنمية هو أيضاً تحدي لأغراض التعلم من أجل التنمية – مع التفكير المتأني في الأسباب ومبررات العمل- لأن الأسباب والمبررات هي بالطبع منطقة تفاوض، وأن بناء المهارات والقدرات لتحقيق نتائج أفضل جزء من منطقة التفاوض باعتبارها علاقات قوة كونية تشكل تحدياً أو صعوبة ما.
وتستخدم بعض الدراسات فضاءات العمل مفهوماً يحاول أن يغلف الطبيعة التفاوضية للتعلم وغرضه، يصف المكان الذي يجتمع فيه الفعل والتعلم معاً في شكل دعم وتقوية متبادلة شكلته الديناميات التي تحتاج فهماً يقظاً، وأوضحت الدراسات أن العلاقات الاجتماعية والتقنية لتلك الفضاءات لها تأثير قوي على نتائجها. إن القوة النسبية للفاعلين (سواء بذلك عن وعي أم عن لا وعي)، وأنماط المعرفة و«الحقائق» وكيف تستديم وكيف توقف، الظروف التقنية للتعلم والعمل والطريقة التي يمكن ان تتغير بها العلاقات والتفاهمات خلال الارتباط الاجتماعي ومن خلال التنافس- كلها جزء من هذه العملية وبهذا المعني، تميل فضاءات التعلم إلى مفهوم (ويك- Weick) عن القانون القائل إنه: من خلال الفعل المشترك هناك تعلم مشترك (حتى لو أن فاعلين مختلفين يتعلمون أشياء مختلفة)؛ ومن خلال التعلم المشترك هناك احتمال للفعل المشترك.
واستخدمت بعض الدراسات فضاء التعليم أداة تحليلية لفهم الديناميات الاجتماعية للتعلم الكائن، وإلى حد ما فإن مثل هذه الفضاءات شيء يرقى بها، ومع ذلك هناك عقبة قوية جداً في هذا الطريق في الوقت الحالي.
* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4usjua9a

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"