من آنٍ لآخر

00:50 صباحا
قراءة دقيقتين

العولمة أذابت الحواجز بين المجتمعات، وأزالت الفوارق التي تعوق التواصل بين الأجيال، وتشابكت معها جميع البلدان، على الرغم من اختلاف الفكر واللغة والقيم والعادات والتقاليد، وهنا علينا الانتباه إلى العالم الذي انفتح على مصراعيه، وتعددت فيه الثقافات، وتفاوتت معه المعايير والضوابط.
التعليم لم يكن بعيداً من تداعيات العولمة، إذ أصبح لدينا مجتمعات تعليمية متنوعة، ومنصات يغمرها الثراء المعرفي والعلمي في مختلف المواد والتخصصات، وهذا بلا شك ينعكس إيجابياً على المتعلمين في مجتمعات العلم هنا وهناك، وتصبح المخرجات صناعة محلية بمعارف عالمية.
ولكن من آنٍ إلى آخر، تأتينا مغالطات في بعض المناهج الأجنبية التي تُدرَّس في مدارس خاصة، وفي أحيان أخرى تقدم محتوى «غير لائق» لا يمتّ لقيم المجتمع وأخلاقياته ومقوماته بصلة، سواء كان أساسياً أو إثرائياً، وإن كانت هذه المغالطات عن عمد أو غير مقصودة، فإن وجودها مرفوضاً جملة وتفصيلاً ضمن كتب المعارف وتعليم الأبناء في مختلف المراحل.
المغالطات في كل حالاتها تعد تجاوزات غير مقبولة، ويكفي أنها تُزيّف الحقائق، وتتلاعب في الوقائع، وتصدّر لأبنائنا أفكاراً واتجاهات بعيدة تماماً عن قيم وأخلاقيات مجتمعاتنا، وأمام تلك التجاوزات يأتينا نوع جديد من المسؤولية، لا تُسأل عنه الجهات المعنية، بمراجعة محتوى المناهج الأجنبية واعتمادها فحسب، ولكن مجتمع التعليم بمختلف فئاته يعد شريكاً أساسياً في تلك المسؤولية.
يُشكل المحتوى غير اللائق مخاطر جمة على الأجيال، لاسيما أنه يحاكي التكوين الفكري والعقلي للطلبة، ويعد أبناء الحلقة الأولى الأكثر تضرراً من هذه التجاوزات التي تأتي ضمن منظومة لتغريب أفكار الأبناء، وإبعادهم عن قيم المجتمع، وفي الغالب يكون مؤلف المحتوى «من غير العرب»، ولا يعلم الكثير عن تقاليد ومقومات مجتمعاتنا، وقد يعلم ولكنه يتظاهر بالجهل.
وإن كانت المناهج الأجنبية ضرورة في عصر مجتمعات العلم المفتوحة، كوسيلة نعوّل عليها في مواكبة تطورات المعرفة ومتغيرات التكنولوجيا المتسارعة، فهناك ضرورة أكثر حتمية لوضع معايير جديدة وضوابط صارمة، وآليات دقيقة للمراجعة والتدقيق والاعتماد، فدخول أطراف خارجية في العملية التعليمية، يلزمنا جميعاً بأهمية معرفة ما يتم تعليمه لأبنائنا، لنجنّبهم شر ثقافات محرفة، تهدد عقولهم بألوان متعددة للغزو الفكري.
نحتاج إلى جهة اتحادية مختصة تعمل بمعايير موحدة، وتكون مسؤولة بشكل كامل عن مراجعة وتدقيق واعتماد أي كتاب يأتي من الخارج سواء كان منهاجاً أو يدرس بغرض الإثراء المعرفي للطالب، وتبقى مسؤولية «المراقبة والمراجعة والتدقيق»، على عاتق عناصر المجتمع كافة، للتصدي لأي محاولة لغزو عقول أبنائنا، وحماية الطلبة وتقويمهم بشكل صحيح.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3nabf93s

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"