تحديث النموذج الفكري للإعلام

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ما تناوله القلم أمس في «السكوت على اللعب بالتاريخ»، كان شافياً كافياً، شاملاً كاملاً؟ كلاّ، فهذا الحديث ذو شجى وشجون. معاذ الله أن ينصرف ذهن عاقل إلى ضرورة وضع الفضائيات العربية في قفص الاتهام، بدعوى أنها وقفت موقف الساكت على اللعب بالتاريخ. مثل هذا الاتهام محض افتراء، ففضائياتنا العربية بريئة من طرح القضايا الحيوية الجوهرية براءة الذئب من دم يوسف. صدق من أسماها فضائيات، فبرامجها غير موجّهة إلى الأرضيين العرب، وكأنهم ينتجونها في فضاءات ما بين النجوم.
الإحساس بالزمن مهمّ جدّاً في وسائط الإعلام، بالتالي يجب أن يكون كذلك في أذهان من يرسمون السياسات الإعلامية. للأسف، الفضائيات تبذل جهوداً فائقة في تطوير أجهزتها واستوديوهاتها وتقنياتها وكل ما هو مادّي في بيئة عملها، لكن في الجانب الأهمّ لا نرى لدى أكثريتها تقدّماً يذكر على مرّ السنين، في طريقة التفكير والتناول. الأنكى هو أن الفضائيات غير مكترثة على ما يبدو للسرعة النجومية التي تطورت بها، بل طارت بها سنين ضوئية، الشبكة العنكبوتية وما أنجبته من محرّكات بحث ووسائط تواصل. لم تحسب الفضائيات أيّ حساب لتوسّع «يوتيوب» في الثمانية عشر عاماً الماضية، وللتحول التاريخي الذي أنجبت فيه فيسبوك الميتافيرس الأسطورية. التسمية نفسها مخيفة، فترجمتها الحرفية تعني: ما بعد الكون.
المشكلة تكمن في أن الفضائيات العربية لم تغيّر نموذجها الفكري، لا تزال أغلبيتها تعيش في عالم إطار فكري تجاوزه الزمن. اليوم، حرّية التعبير التي يمارسها الناس في تغريداتهم، في «تويتر»، مع كل سلبيات الكثير منها، تفوق أشكال حرية التعبير في وسائط الإعلام العربية. هل تدرك وسائط الإعلام، التابعة للقطاعين العام والخاص، مخاطر أن تتخلّف عن اللحاق بوسائل التواصل في هذا المضمار؟ أن تغدو القيمة الإعلامية أو الحقيقة ولو النسبيّة في «يوتيوب»، «تويتر» وغيرهما، أشدّ اجتذاباً للرأي العام؟
الإعلام في العالم العربي لا يزال الكثير منه يدور في بوتقة الإعلام الموجّه والرقابة التقليدية. الطريف أنه في هذا الملعب يضحك أصحاب الشأن من ذقن ابن خلدون، فالمغلوب لا يقلّد الغالب، فلا يوجد محرّك بحث عربي ولا بريد إلكتروني عربي، أمّا الميتافيرس فبعيد المنال قياساً على الإمكانات المتاحة.
حاليّاً، الآمال الكبيرة معقودة في المشاريع الكبرى التي تسعى دبي إلى تحقيقها عبر «مليون مبرمج عربيّ» و«ألف عبقري عربي». هذا تشويق حضاري.
لزوم ما يلزم: النتيجة التسلسلية: على طريقة حلقات المسلسلات، بقي كلام مهمّ في الموضوع، ما قيل كان أوّل الغيث وبقي شيء من الانهمار.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2pmmy684

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"