تداخل الكماليات مع الضروريات

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

دون شك هناك الكثير من الناس، ممن يعانون تكالب الالتزامات المالية عليهم، وهناك من تثقله القروض، التي يتطلب تسديدها بضع سنوات. عمليات الاستدانة والاقتراض، شائعة في كل مجتمع؛ بل قلما تجد من لم يدخل في هذا الأتون، دون شك أن التسهيلات الكبيرة التي تقدمها البنوك أسهمت في تنامي هذه الظاهرة، فالمصارف والبنوك، وجدت أرباحاً وفيرة بجهد وكُلفة قليلة جداً؛ لذا توسعت في الإقراض، وتقديم البرامج والمبادرات التي تجذب أكبر شريحة من الناس، فضلاً عن البطاقات الائتمانية، التي انتشرت على نطاق واسع، وبات السحب منها كديون بفوائد، وليس من الدخل الشهري -الراتب- الذي يدخل في حساب الفرد فعلاً.

أعتقد أن قطاعاً واسعاً من الناس، يفهم تماماً هذه الكلمات، لكن لو قدر لنا وقمنا بإجراء دراسة بحثية استطلاعية، تحاول الإجابة عن سؤال بدهي، وهو: لماذا يتم الاقتراض والاستدانة؟ بمعنى ما الدافع للذهاب إلى المصرف، وطلب قرض مالي، سأضطر لتسديده على عدة سنوات، مع دفع فوائد على هذا القرض كبيرة، وأظل في دين يستنزف جزءاً لا بأس به من دخلي الشهري؟ أعتقد أننا سنكتشف أن نسبة كبيرة ستجيب: كان سبب الاقتراض، يعود لعدم فهم دقيق لمعنى الضروريات والكماليات؛ بل إن هناك تداخلاً كبيراً بينهما، وسوء فهم؛ حيث انتقلت الكماليات لتصبح ضروريات، عند البعض من الناس، على سبيل المثال شراء سيارة فارهة، يرى البعض أنها ضرورية، وحاجة ملحة، وكان يمكنه شراء سيارة، وفق دخلة الشهري، أو تتناسب مع وضعه المالي، أيضاً السيارة الفارهة، تتطلب صيانة دورية بمبالغ كبيرة تفوق دخله الشهري، ومع هذا يرى بأن نوع السيارة مهم.

مثال آخر، البعض يرى أن من المهم جداً القيام برحلة سياحية مرة أو مرتين في العام، ويذهب إلى مناطق سياحية مصنفة بأنها الأغلى، مرتفعة الأسعار من الفنادق، إلى المطاعم، فضلاً عن الرحلات والجولات السياحية. ومع هذا تجده في كل عام، يتكبد عناء كبيراً لإيجاد المال الذي يغطي تلك الرحلات، ولا يجد إلا القروض والاستدانة، من دون شك هناك من يضطر لأخذ قرض ما، لتسهيل حياته، أو للضروريات. إلا أنني أشير إلى القطاع الأهم ممن يقترضون المال، ثم يستنزفونه في كماليات، ولا تمت بأي صلة للحاجة أو الضروريات، هذه الفئة، دون شك، ستعاني وتتدهور نفسياتهم، أمام تكالب الالتزامات؛ حيث إن الكماليات لا تنتهي، بينما الحاجات والضروريات، تبقى ماثلة تتطلب العمل عليها ومعالجتها.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8epv5b

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"