الطيران والمناخ

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يحلق البشر منذ أكثر من مئة عام من أقاصي الأرض، من الشرق للغرب، ومن الجنوب للشمال، وانتقلت العلوم من مكان لآخر، واحتلت الثقافة والفنون عواصم منتقلة في العالم، وصارت السياسة أقرب لطاولة المناقشات، والتجارة في متناول الأغلبية، والصناعة تطورت بانتقال الإنسان. الطيران كان ولا يزال وسيلة الحياة التي متى ما توقفت أدركنا أننا في عزلة تامة، وفي صمت مهيب وكوفيد 19 كان أكبر الدروس.
قطاع الطيران وعلى أهميته ونموه الاقتصادي إلا أنه يحتل مكانة كبرى في الأجندة الدولية لموضوع تغير المناخ، له التزاماته، وعليه ضغوط كبرى، رغم أن ما يتصدره من قيمة الانبعاثات الدولية لا يتجاوز ال2%، وتأتي هذه النسبة لتجعله دائماً تحت مقص الرقيب، وأيدي المهتمين بأن يتوقف العالم عن التنفس من خلال الطيران. 
الأجندة البيئية في الطيران دسمة، ولم تهدا أبداً منذ عام 2010، فقد تصدرت قرارات تغير المناخ المتتالية والصادرة عن منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) المشهد، من إجراءات وأنظمة وتطور في القطاع: في التصنيع، التكنولوجيا والعمليات، في تغير الفكر الاقتصادي وفي كيفية إدارة العمليات، والتقليل من احتراق الوقود، الكل يسعى لأن يؤدي دوره في العملية الكبرى، ولكن هل يكفي ذلك؟
لا تزال المشكلة أن قطاع الطيران مثله مثل قطاع البحرية لا يمكن احتواؤه في مكان واحد، فالانبعاثات التي تصدرها الطائرة الواحدة تنتقل من مكان لآخر، ومن قارة لأخرى، ومن أجواء لأخرى مما جعل المشكلة عالمية تكاملية، فلا يكفي أن تقوم دولة ما بمجهود وتبقى الأخرى في معزل. إن أكبر الحلول التي ستساهم في التقليل من الانبعاثات والتي تحتل بشدة اهتمام المعنيين بالطيران وقادة العالم هي الانتقال لوقود طيران نظيف، ذي كفاءة عالية وبنسبة انبعاثات أقل حتى من النصف، إن التحدي الكامن في كل المحادثات والمفاوضات وحتى في عالم الطاقة هو: نعم نريد أن ننتقل لطاقة بديلة، طاقة نظيفة، طاقة مستدامة، ولكن هل المعطيات تؤهلنا لذلك؟ 
منذ عام 2018 والإيكاو من خلال فريق عمل وقود الطيران قد قامت بالكثير من الدراسات، والتغييرات في القوانين الدولية من أجل وضع معايير استدامة دقيقة ومطولة لإنتاج الأنواع الأهم التي تلائم قطاع الطيران وهي: الوقود المنخفض الكربون من مصدر أحفوري (نسخة مطورة وأقل انبعاثات من الحالية) والوقود المستدام من مصادر مختلفة غير أحفورية. 
ويعتبر فوز دولة الإمارات العربية المتحدة بالنسخة الثالثة من مؤتمر الطيران والوقود البديل اعترافاً دولياً بالدور المهم الذي تقوم به الدولة في ملف تغير المناخ منذ أكثر من 13 عاماً، كما أن انتقال المؤتمر إلى المنطقة سيعزز من معرفة العالم بما يجري في الدولة والجوار، المؤتمر يتطلع له الكثيرون لأهميته ولأنه سيكون نقطة تحول كبيرة في مفاوضات الطيران القادمة ومستقبله، ننتظر عالم الطيران والطاقة في دبي، في نوفمبر وننتظر انتقال العالم لإنتاج تدريجي حكيم لا يضر عودة القطاع للحياة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4bxcr9kx

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"