ليس مجرد توعية

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

نعيش اليوم عصر التكنولوجيا المتقدمة؛ إذ أصبح الإنترنت والوسائل الرقمية جزءاً أصيلاً في مناحي حياتنا وأعمالنا، ومع تنامي اعتمادنا على التكنولوجيا ومشتملاتها، وتعميق ارتباطنا واستخداماتنا لها، يزداد تعرضنا لمخاطرها بصور متعددة ومتجددة ونوعية.
وإذا نظرنا إلى واقعنا في الوقت الراهن، فسنجد أن الفرد العادي في المجتمع، أكثر تواجداً على الإنترنت، وتفاعلاً مع الأجهزة الذكية، فأصبح الأكثر عرضة لتلك المخاطر، لاسيما أنه غير مؤهل ولا يمتلك خبرة كافية للتعامل مع أمور بسيطة، مثل اختراق حسابات مواقع التواصل الاجتماعي أو الاحتيال الإلكتروني، وهنا تكمن أهمية الأمن السيبراني لحماية المجتمع أفراداً ومؤسسات.
ولكن دعونا نسأل عن نسبة المؤهلين من أفراد المجتمع العاديين القادرين على التعاطي مع التهديدات السيبرانية، وهل الحملات التوعوية التي تنطلق من آن لآخر كافية لتمكينهم من التصدي لممارسات المتسللين؟ 
قد يكون الوعي المجتمعي قائماً وجلياً، ولكن في الوقت ذاته لا يوجد تأهيل فعلي يُمكّن الأفراد من حماية أنفسهم وبياناتهم وخصوصياتهم، والدليل نراه في وجود ضحايا جدد للاحتيال الإلكتروني، والاختراقات المتجددة يومياً، فالحديث عن الأمن السيبراني، يأخذنا إلى حماية الأنظمة الإلكترونية والمعلوماتية، والشبكات، والبيانات، والمحافظة على سلامة المعلومات والوقاية من الاختراقات والاعتداءات السيبرانية، وهنا لا يكفي الجانب التوعوي «منفرداً» لتمكين المجتمع بفئاته من المواجهة بقوة والمعالجة بثقة.
 التطور التكنولوجي يقابله دائماً تطور في طرائق التهديدات وآليات الاختراق والهجمات، وهذا الأمر يدركه متخصصو الأمن السيبراني؛ إذ نجدهم في حالة تطوير مستمر لا يتوقف، لمواكبة المستجدات ورصد المخاطر، واستحداث طرائق التصدي لها وقتما تظهر على الساحة، ولكن تظل إشكالية تعليم وتأهيل أفراد المجتمع على كيفية حماية أنفسهم وأجهزتهم وحساباتهم قائمة.
التهديدات السيبرانية لا تستهدف المؤسسات الكبرى فحسب، فهناك متسللون ومحتالون يستهدفون الأفراد العاديين، للاستيلاء على بياناتهم الشخصية والمالية، وانتهاك خصوصياتهم، ووضعهم تحت ضغط الابتزاز الإلكتروني، الذي كان سبباً رئيسياً في فقدان الكثير من الأشخاص لأموالهم وخصوصياتهم.
نحتاج إلى برامج متخصصة وحقائب تأهيلية مباشرة؛ لمحو تواضع قدرات أفراد المجتمع في مجال الأمن السيبراني، وضرورة تعليم أبنائنا مجالات الحماية من البرمجيات الخبيثة، وتقنيات الاختراق الأخلاقية، وإدارة المخاطر الرقمية، والتمكين مسؤولية الجميع، للتعامل مع أصحاب الأقنعة السوداء خلف شاشات الأجهزة، وتقليص الضحايا المتزايدين يوماً تلو الأخر، ولا مانع من تطوير وتوسيع دائرة التثقيف والتوعية، بقدر التطورات المتغيرة للتكنولوجيا، لاسيما أن ما نراه اليوم من مخاطر وتهديدات يعدّ جزءاً بسيطاً لما يحمله لنا المستقبل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc3mwnpn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"