رعاية الطفولة.. الطريق للمستقبل

00:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

الكلام عن رعاية الطفولة المبكرة في هذا التوقيت من واقعنا، تزداد أهميته لما نواجهه من عواصف هوجاء تستهدف أول ما تستهدف الأطفال والشباب، لأنها تستهدف مستقبل المجتمعات، وتريد أن تسرق من بين أيدينا التجارب الناجحة التي تسير وفق منهجٍ محددٍ لبناء الإنسان.

في المؤتمر الإقليمي لرعاية وتربية الطفولة المبكرة، الذي عقد مؤخراً ونظمه المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالتعاون مع أكاديمية الشارقة للتعليم، ومكتب «الشارقة صديقة للطفل» لاحظت أننا نتجاوز الحديث عن التاريخ (الماضي) الذي تأسس فيه التعليم في المنطقة، إلى الحديث عما يحدث اليوم برؤية المستقبل، فنحن إزاء حاضرٍ يرتبط ويوثق ارتباطه بالمستقبل، ولعلي أزعم أنه لم يمر وقت في حياة البشرية ارتبط فيه حاضرٌ بالزمن القادم مثل هذا الزمان، فنحن نعيش الحاضر وكأننا في عقر دار المستقبل، فبعد سنتين أو ثلاث أو خمس تتغير بعض الوقائع، مثل وسائل التواصل وتنتقل نقلة أخرى تعزز التواصل الأسرع والأعمق بين الأفراد من ناحية، والمجتمعات من ناحية أخرى.

لقد استمعت إلى ورقة الدكتورة محدثة الهاشمي رئيس هيئة الشارقة للتعليم الخاص، رئيس أكاديمية الشارقة للتعليم بالإمارات العربية المتحدة، وتابعت المبادرات التي كنت قد اطلعت على بعضها، ودهشت لأهداف بعضها الآخر كما أدهشت الحاضرين، فتحولات التعليم في الشارقة تضمن عدة حلقات منها: القيادة، وبناء القدرات، والممارسات الفضلى، والمبادرات تفتح أمامك أبوابًا حقيقية لمعنى التطوير كمبادرة: «معلم وأفتخر» التي تعدُ دافعًا لتوطين التعليم الخاص، وهو ما يتخطى طموحاتنا في توطين العمل الحكومي خاصة في مهنة التعليم، مما يجعلنا نفكر في آليات استثنائية يتم جذب الشباب المواطنين للتعليم في المدارس الخاصة.

ويأتي إدراج حضانات الشارقة الحكومية لتكون تحت إشراف الأكاديمية، طارحاً لأسئلة أجاب عنها المشاركون في الجلسات، وأولها مسألة التعليم في هذه المرحلة، ومن يقوم به، ومواصفات المعلم الذي عليه أن يعرف أولاً، مَن هؤلاء الصغار الذين يلتحقون بخطوات تمهيدية قبل الدخول في التعليم النظامي الملزم.

وكما في الشارقة مراكز ومكاتب للأطفال تراعي سلامة الطفل ومواهبه، هناك مؤسسات وهيئات في كافة أنحاء دولة الإمارات تولي اهتماماً بهذه المرحلة من عمر الإنسان كهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، ومركز دبي لتطوير نمو الطفل.. وغيرها.

نعم هناك عاصفة واسعة المدى تواجه أطفالنا بالذات.. لأنهم هدفها وغايتها في تدمير الأخلاق والقيم، بدءاً ببث فكرٍ جديدٍ لا قلب له ولاعقل، فكرٍ يريد جعل الإنسان في حالةٍ من الجنون وعدم الاتزان بإخراجه من طبيعته التي خلقها الله تعالى عليها.. مستخدماً كل الوسائل التي تصله بالعقول الصغيرة، والتي نبدو عاجزين عن مواجهتها، أو إيقاف رسائلها السامة إلى تلك العقول، والاستثمار في الإنسان هو ما يراد له أن يفشل وتخسره البلدان والأمم، فماذا علينا أن نفعل من خلل هذه المؤسسات؟..

نعم نريد شباباً يرودون الفضاء، ويقفون على أدق الأسرار العلمية في الكون تحقيقاً لرؤية باني النهضة الإماراتية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونريد شباباً يغتنون بتقديم البحوث والدراسات، ويديرون مؤسسات كُبرى، ويطورون ويمارسون كل فعلٍ يدل على تقدمهم الحضاري.. ويسابقون به الدول والأمم.. وعلينا، وهم في هذه الرحلة التنموية المتنامية أن نضع برامج حماية لهم من التهديد أن تتسلل إليهم زواحف الشر التي لا تريد خيراً، والمجتمعات البشرية حتى يصلوا إلى مرحلة من العمر والنضج تجعلهم مصدر حماية لغيرهم.

هكذا تسير الشارقة بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبيده مصباحٌ ليس سحرياً ولكنه واقعي بامتياز، مصباح يتلمس كل شبر في الحياة يعطينا علماً، ويوفر لنا معرفة، ويؤكد قيمة فاضلة، ويعد منابره من الحاضر إلى طرق المستقبل، كي نرى مؤشرات ما يمكن أن يكون عليه المجتمع غداً بإذنه تعالى بناءً على ما يقام اليوم، ويؤسس في هذه اللحظة.

الطفولة المبكرة كلمة السر لبناءٍ قوي للمستقبل إن شاء الله، والمسؤولية كبيرة، حتى إن اقتراحاً تمثل في بناء «بيت للخبرات العربية» في مجال رعاية الطفولة المبادرة يجمع كل الجهود الخاصة بذلك أخذ صدى جيداً لدى الحضور.

نعم، إنها مسؤولية فرد ومجتمع ووطن وأمة.

رئيس المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3p3nxtjy

عن الكاتب

كاتبة وأديبة إماراتية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"