هل نحن حقيقيون؟

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

هل مازلنا حقيقيين؟ هل نحن كما نبدو بالفعل، أم أننا تهنا في دهاليز التزييف والتجميل والتقليد؟
كثيراً ما يراودني مثل هذه الأسئلة بعدما أغلق موقعاً من مواقع التواصل الاجتماعي أو أعود لمنزلي بعد مشوار حافل بالزحام.
 أتساءل دائماً إذا كانت نتائج الاستطلاع الذي أجرته «الأكاديمية الأمريكية لتجميل الوجه والجراحة الترميمية» قبل عام تقريباً ونشرت في مختلف وسائل الإعلام صحيحة، فهي تقول إن واحداً من كل ثلاثة جراحين كشف عن تزايد الطلبات على عمليات التجميل في ظل عدم رضا المرضى عن صورهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن هناك زيادة 10 % في عمليات تجميل الأنف، و7 % في زراعة الشعر، و6 % في تجميل الجفون على سبيل المثال. 
وإذا كان تقرير «جمعية الامارات الطبية» في العام ذاته قد أعلن أن 47 % من إجمالي عدد الأشخاص الذين خضعوا لعمليات تجميل كانوا رجالاً وأنفقوا ما يقارب 300 مليون درهم على عمليات التجميل المختلفة من بينها شفط الدهون وتجميل الأنف وعمليات شد الوجه، فإن هذا الهوس لا يقتصر بالطبع على النساء، وكثيراً ما يردد بعضهم أن «الله جميل يحب الجمال» وأنهم يرغبون في صورة أفضل لأنفسهم، وهذا يجعلنا نتساءل عن السبب، هل هو عدم الثقة بالنفس، أم أنه الرغبة في التقليد ؟ وهنا لا أتحدث بالطبع عن «الرتوش» الصغيرة التي قد يحتاج اليها الشخص لمكافحة أو معالجة علامات التقدم في العمر أو الترميم التجميلي بعد الحوادث أو حتى تعديل تشوه خلقي حقيقي على سبيل المثال.
هذا الهوس بعمليات التجميل يجعلنا نفكر كثيراً في حقيقة كل شيء فينا ومن حولنا وليس فقط أشكالنا التي باتت متشابهة في كل دولة لأن «الفنان التجميلي» واحد لكثير من هذه العمليات، لكن الأمر يبدو أشمل من هذا حين نفكر بكمية ال «فلاتر» التي تستخدم أثناء التصوير والتي تغيّر كثيراً من الملامح، حتى يكاد بعض الأشخاص ينسى الحقيقي من غير هذا التأثير أو ذاك.
الزيف أو «التجميل» أو التغيير لم يطل الأشكال فقط، بل امتد إلى دواخلنا أيضاً، فكثيراً ما يظهر الناس على غير طبيعتهم في مواقع التواصل الاجتماعي راغبين في مجاراة هذا أو ذاك أو هذه «الموضة» أو تلك «الهبة»، حتى طعامنا بات يطبخ بحسب «الترند» في هذه المواقع، حتى ولو لم يعجبنا.
هذان التغيير والتقليد اللذان طالا المجتمعات صارا مخيفين، لأنهما يشكلان ضرراً على الاستقلالية والصراحة والصدق فيه، فصار ما هو طبيعي غريباً أو دون المستوى أو رجعياً، لأنه لا يتماشى والصيحات العالمية في مجال المأكل والمشرب والملبس والتجميل، وهو ما يجعلنا نفكر ملياً: هل نحن بالفعل حقيقيون ونعيش حياتنا كما نبغي ونريد، لا كما يراها غيرنا؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5dsswtfk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"