عادي
هنري ميلوت رسام الطبقة الأرستقراطية

ألوان «الفتاة الصغيرة» تخطف القلوب

14:58 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: عثمان حسن

هنري ميلوت رسام فرنسي ولد في باريس، وتوفي فيها عام 1759، في عام 1711 أطلق على نفسه لقب «رسام الملك في أكاديميته»، ذهب إلى ستراسبورغ بعد 1715، ثم إلى «بالاتينات» وهي منطقة تاريخية في جنوب غرب ألمانيا، عمل بشكل رئيسي في العاصمة الفرنسية، وبالتعاون الوثيق مع أستاذه الرسام نيكولا دي لارجيير (1656-1746)، وقد تعرف إليه قبل عام 1699، كما تبنى مجموعة كاملة من التأثيرات والتقنيات لمعلمه، وكان صديقاً مقرباً لماري كلير هيرمانت، ابنة عم أستاذه دي لارجيير، وشهد زواجها من جورج روتييه في 18 مايو 1711.

عمل هنري ميلوت في ميونيخ من 1721 إلى 1724، وخلال هذه الفترة، رسم صورة للويز دوروثي فون هوفمان، وهي زوجة الدوق جوستاف ليوبولد الذي عمل في دوقية بالاتينات، وله لوحة «امرأة تحمل قناعاً» حوالي 1728، وهي في متحف بيركشاير، بيتسفيلد (ماساتشوستس)، وبورتريه آخر ل«شوفالييه دي لارالدي دورتوبي» (1734)، وغيرها.

غالباً ما ظهر الفنان هنري ميلوت في صورة أنيقة في وضعية المتغطرس أو المتعجرف، كناية عن ثقته المفرطة بنفسه، كان يصر على أن يظهر محصناً نفسه بدرع، موشى بتطريزات وألوان من القماش غاية في الروعة والجمال، وبرع في استخدام الفرشاة ليصور بورتريهات فائقة الدقة، لا سيما أنه عاش الفترات الساحرة من عهد الوصاية على العرش بفرنسا في القرن الثامن عشر، هذه الهيبة أهلته لطلب رعاة الفن، الذين كانوا يعملون عند طبقة النبلاء، وما يزيده ألقاً، أنه كان تلميذ الفنان الفرنسي الشهير نيكولا دي لارجيير، الذي عرفه بدوره إلى الطبقة الراقية.

بحسب خبراء الفن، فإن أعماله التي وصلت إلينا قلية جداً ونادرة، ومع ذلك، فهو رسام من الدرجة الأولى.

  • اللوحة

من أشهر لوحات ميلوت واحدة بعنوان «الفتاة الصغيرة ورفاقها الصغار»، بالحجم الطبيعي (زيت على قماش) بأبعاد (90 * 72 سم) أتمها في عام 1700، الفتاة تجلس على وسادة مخملية زرقاء، مع زخارف، وأضواء من الخيوط الذهبية.

ترتدي الفتاة ثوباً مخملياً عنابياً مزيناً بالدانتيل، كما ترتدي مئزراً، تصفف شعرها، بمسحوق لونه بني، ويظهر مجعداً، ومرتفعاً، ومزيناً بعدة أقواس من الحرير الأزرق، ومن يدقق في اللوحة يلحظ أن الفتاة تنظر مباشرة نحو المشاهد، وهي تدفع رأسها عالياً، كما ترفع يدها اليمنى وعليها ببغاء جاثمة على أصابعها، بينما تضع يدها اليسرى على على كلبها الصغير في لحظة عاطفية وحماسية واضحة، الكلب الصغير، يحدق في الببغاء، وكأنه على وشك مهاجمة الطائر.

كان وجود حيوان وطائر سمة مميزة لصور الأطفال منذ القرن السادس عشر. الفكرة هي نفسها دائماً، يحاول الحيوان الإمساك بالطائر الأليف، ثم يأتي الطفل ليفصل بينهما، وهذا يساعد على إبراز لطف الطفل وإحساسه بالمسؤولية.

الفتاة الصغيرة جداً، بتصفيفة شعرها الأنيقة، وملابسها الجميلة، تبدو مثل سيدة عظيمة، هي أيضاً رمز لهذا القرن العظيم، حيث يلعب الطفل منذ سن مبكرة دور التمثيل أو التجسيد لهذه الفكرة السائدة، كما ينظر إليه على أنه بالغ في صورة مصغرة.

بدون أي إشارة إلى هوية النموذج أو الموديل الذي اختاره الرسام ميلوت، يمكننا أن نفترض أنها فتاة نبيلة ومن الطبقة الأولى. على عكس البلدان الشمالية، حيث كانت صور الأطفال كثيرة جداً خلال القرن السابع عشر، كان يتم تصوير الأطفال في فرنسا في عهد لويس الرابع عشر فقط من العائلات ذات الأهمية الكبيرة، وهؤلاء فقط من يحق لهم الحصول على الألعاب والدمى.

في هذه اللوحة سار ميلوت على خطى أستاذه نيكولا دي لارجيير، الذي اعتاد أن يعمل لدى زبائن هم في الغالب من النبلاء، وهو أحد الفنانين النادرين الذين تخصصوا في رسم الأطفال، عدا عن اهتمامه برسم أفراد العائلة المالكة.

يشير تاريخ تنفيذ هذا العمل المتقن والساحر من دون شك، إلى الفترة التي واظب خلالها هنري ميلوت على العمل في استوديو نيكولا دي لارجيير، كما يؤكد التوقيع بوضوح على عمل الفنان المستقل.

  • إتقان

اللوحة تسحر المشاهد بنضارة ألوانها الاستثنائية المصحوبة بفرشاة قوية تضفي حيوية على تكوين الطيات والستائر، مكونة العديد من الحواف البيضاء على المخمل. وهذه اللوحة هي شهادة مؤثرة عن الطفولة في عهد لويس الرابع عشر.

استطاع هنري ميلوت أن يلتقط بشجاعة كبيرة خامة النسيج الذي يكون الملابس في هذه الصورة بدقة عالية، وقد كان المخمل العنابي هو أحد ألوانه المفضلة التي يمكن العثور عليها في العديد من أعماله. وهذا اللون يتماشى بشكل رائع مع اللون الأزرق للشريط والوسادة المطرزة. كما أن هذا النطاق اللوني المكثف للغاية يتباين مع الخلفية الرصينة المكونة من جدار معماري وستائر صفراء كبيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/dczbyp5e

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"