عادي

رقصة الهوسيت.. بهجة أعراس البشارية في مصر

23:59 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

تتصدر رقصة الهوسيت الشهيرة، حفلات الأعراس في منطقة حلايب وشلاتين المصرية، وتروي بإيقاعاتها الصاخبة حكايات عن أزمنة الفروسية الغابرة، التي شهدتها تلك المنطقة على الحدود المصرية السودانية على مر التاريخ.

تحولت رقصة الهوسيت خلال العقود الأخيرة، إلى وسيلة للتعبير عن البهجة والفرح، وواحدة من الطقوس الشعبية، التي يستقبل بها سكان تلك المنطقة الزائرين، من المغامرين وعشاق الطبيعة الساحرة، الذين يتدفقون على مثلث حلايب وشلاتين في مواسم معينة كل عام، للاستماع بمحمياته الطبيعية، التي تمتد على مساحة تزيد على ثمانية عشر ألف كيلومتر مربع، وتبعد عن العاصمة المصرية بنحو ألف وستمئة كيلومتر، وقد عرفت المنطقة باسم المثلث، لأنها تشكل ما يشبه المثلث المتساوي الأضلاع، الذي تمتد قاعدته بطول يصل إلى ثلاثمئة كيلومتر، ونحو مئتي كيلومتر لطول كل من ضلعيه، الشرقي المطل على البحر الأحمر، والغربي المشرف على الصحراء الشرقية المصرية.

الصورة

وتشبه رقصة الهوسيت إلى حد كبير، رقصة التحطيب بالعصا، المنتشرة في ربوع صعيد مصر، وهي تعكس هذا الموروث الشعبي القديم، الذي توارثه أبناء منطقة حلايب وشلاتين، عن الآباء والأجداد الذين سكنوا تلك الصحاري البعيدة قبل قرون، حيث كانت واحدة من الرقصات الملازمة للانتصار في الحروب، تعبر عن فرحة المنتصر، الذي يرفع درعه وسيفه ويتمايل فرحاً بانتصاره على الأعداء.

الصورة

وتجري رقصة الهوسيت وفق إيقاع موحد، إذ يشكل فيها شباب قبائل البشارية نصف دائرة، يتوسطها شخصان، يمسك كل منهما بالسيف والدرقة «الدرع»، ليؤديا تلك الرقصة، على أنغام آلة الباسنكوب الوترية التي تشبه الهارب الفرعوني القديم، أو على إيقاع قرع الطبول وضربات الكفوف، ويقفز اللاعب في تلك الرقصة في الهواء، وهو شاهر سيفه، وكأنما يعلن عن نفسه والاستعداد للمنافسة، ولسان حاله يقول: هل من مبارز؟

الصورة

وتعد قبائل البشارية، إحدى أمهر القبائل التي تؤدي تلك الرقصة في مثلث الجنوب المصري، وهي واحدة من أشهر فروع قبيلة البِجا التي تمتد إلى داخل السودان، وينتشر أفرادها في أرجاء صحراء وجبال ووديان جنوب مصر، ويرجع نسب تلك القبيلة حسبما يقول النسّابون المصريون، إلى قبيلة الكوهلة التي يمتد نسبها إلى الصحابي الجليل الزبير بن العوام، ويقول النسّابون إن الجد الأكبر لتلك القبيلة وكان يُدعى بشار بن هاكل، تزوج من امرأتين من قبيلة البِجا، إحداهما كانت تُدعى أمّ علي، وهي جدّة كل قبائل البشارية التي توجد في مصر، بينما الأخرى وكانت تسمّى أمّ ناجي، فهي جدّة بشارية السودان.

تعتمد رقصة الهوسيب في حركاتها، على القفز والوثب والحجل، كما تعتمد فنون الأداء فيها، على العديد من العناصر، التي يوجزها الباحثون الشعبيون في عنصر التقمص، الذي يعكس مدى قدرة الإنسان البدائي، على التقليد ومحاكاة الطبيعة، ويقولون إن تلك الرقصة في حقيقتها تعبر عن إرادة الإنسان الذي سكن تلك المنطقة منذ قرون بعيدة، وتكشف عن مخاوفه ورغباته، عبر لغة رمزية حققت له التواصل والاتصال، والتعبير عمّا يشعر به ويعتقده، حيث تعني كلمة هوسيت باللهجة البجاوية، الاستعداد سواء للقتال أو المبارزة، لكن ذلك لا يمنع أن تصنف رقصة الهوسيت باعتبارها واحدة من أجمل الرقصات الاستعراضية، التي تنقل بوضوح ملامح الثقافة الشعبية لسكان تلك المنطقة في مصر، الذين لا يزالون رغم تقلب الدهور، يتميزون بروح الفروسية وما تحمله الكلمة من معاني الشجاعة والنبل.

لا تتجاوز رقصة الهوسيت مدة الدقائق العشر، يطرق بعدها الراقص بسيفه على الدرع، معلناً نهاية استعراضه، وأحياناً ما يترك سيفه ودرعه على الأرض، وسط ساحة الرقص، ليشرع فارس آخر في استعراض مهارته، وقد يستمر الوضع على هذا النحو لفترة طويلة قد تتجاوز ساعات، احتفالاً بزفاف جديد لواحد أو أكثر من فرسان القبيلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fwj8s8s

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"