عادي
الحوار الأسري طوق النجاة

«منصات التواصل»..تبدأ بالفضول وتنتهي بالموت

23:05 مساء
قراءة 4 دقائق
1
1
1

تحقيق: راندا جرجس
تحظى تحديات مواقع التواصل الاجتماعي بشعبية كبيرة من مستخدمي الشبكة العنكبوتية من جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن «التحدي» يعني العزيمة والإصرار وتخطي الصعاب، إلا أن الأطفال والمراهقين يستخدمونها بصورة خاطئة، حيث يقلدون مشاهير ومؤثري التواصل الاجتماعي دون حساب لعواقب هذه الألعاب، فهي أكثر جذباً وتشويقاً، وقد برز العديد منها كونه خطيراً ومُبالغاً فيه، حيث باتت تتسبب بالموت لمنفذيها في دول عدة، فيما يسجل خوضها عشرات الإصابات والأذى الجسدي الدائم في بعض الأحيان، فضلاً عن أثر نفسي بالغ الخطورة وبعيد الأمد.

يقول هيثم كحيل أخصائي مختبرات طبية: إن «التحديات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي التي يقوم بها فئة من الشباب والمراهقين، هي مجرد طريقة لجذب الأنظار وزيادة عدد المشاهدات على قنواتهم، وربما يروّج لها بعض المشاهير بهدف التفاعل مع الجمهور، غير مُدركين لخطورة الموقف، حيث إن الفئات العمرية من المُشاهدين والذين يتطلعون للمشاركة والمنافسة على الأغلب يكونون من فئة الصغار والمراهقين، ممن لديهم حب استطلاع وشغف بتقليد الآخرين، فيكونون أكثر المتضررين».

ويضيف: «عادة ما تتم هذه الممارسات بعيداً عن أعين الأهل ومعرفتهم، في غرف الأطفال وأمام شاشاتهم، أو في المدرسة ووسط تجمعات الطلاب وفي خضم نشاطاتهم، ويتم اكتشافها عادة بعد فوات الأوان، وبالتالي لا نستطيع تقدير عواقب هذه التحديات، والتي تودي في بعض الأحيان بحياتهم، ولذلك يجب نشر الوعي بعدم الانصياع وراء هذه المغامرات التي لا تملك أي مصداقية، ومراقبة الصغار من قِبل الوالدين».

الصورة
1

خارج عن المألوف

تشير ميرا كمال، إعلامية وأمّ لطفلين، إلى أن «التحديات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بين الشباب ومؤثري مواقع التواصل الاجتماعي تنقسم إلى نوعين: أحدهما يكون في إطار جيد ويسعى لتقديم محتوى هادف وتعليمي، أما الآخر فهو إنشاء بعض مقاطع الفيديوهات الخطيرة، ويعتمد على التجارب الخارجة عن المألوف، بهدف تحقيق أكبر عدد من المشاهدات والربح المادي، وينجرف خلفه العديد من الأطفال والمراهقون، وتكون النتيجة هي السقوط في دوامة التقليد الأعمى».

وتضيف: «هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى سيطرة هؤلاء الأشخاص على عقول أطفالنا، وأهمها تركهم مع الأجهزة الإلكترونية بدون متابعة الأبناء واكتشاف شخصياتهم وميولهم، فربما يبحث هؤلاء الصغار عن تكوين صورتهم الذاتية أو حصد إعجاب المقربين عن طريق تقليد هذه التجارب والتحديات».

نافذة على العالم

يوضح د. مايكل ألبير، طبيب، أن هناك تحديات مفيدة وهادفة منها رياضية وتعليمية أو تجربة لاكتساب مهارة جديدة، ولكن مع الأسف ما يهيمن حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي، هي التجارب غير الهادفة والتي تميل إلى المخاطرة بالأرواح، والتي تستهدف على الأكثر فئة الأطفال والمراهقين، الذين يمضون معظم أوقاتهم على الأجهزة الإلكترونية، وهي بمثابة النافذة التي يطلوا منها على العالم، لكنهم لا يكونون قادرين على تمييز الأشياء المفيدة من الضارة، لذلك يجب التشديد على دور الأهل في متابعة كل ما يراه الطفل ويستقبله من هذه الأجهزة، فمتابعة الأهل أهم طرق الحماية.

مقاطعة وردع

يؤكد مكاريوس هاني، طالب جامعي أن هوس التقليد من أهم الأسباب التي تقف وراء قيام بعض المتابعين بتجربة التحدي من دون الوعي بنتائجه السلبية والذي يشكل خطراً على حياتهم، وخاصة أن معظم التجارب التي يقوم بها المؤثرون عبر التواصل الاجتماعي غير حقيقة، وتهدف إلى زيادة المشاهدات والربح المادي فقط، ولذلك يجب مقاطعة وردع من يروج لهذه المخاطر، حيث إن هناك العديد من الأطفال والمراهقين الذين يدمنون هذا النوع من التجارب السخيفة.

الصورة
1

مغامرة شائقة

تؤكد صالحة نصيب حمد اختصاصية اجتماعية أن عند النظر إلى ظاهرة التحدي التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بين العديد من الفئات العمرية ويميل لها على الأكثر الأطفال والمراهقون، سنجدها مغامرة شائقة وتصنع حالة من إشباع الفضول لدى الذين يخوضون هذا النوع من التحديات، ولكن هناك بعض الممارسات التي تنطوي على كثير من المخاطرة، والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى الدمار النفسي أو الجسدي أو العقلي، وربما تهديد بفقدان الحياة.

وتضيف: «هناك العديد من التحديات والتجارب التي تؤذي صحة الإنسان، وعلى سبيل المثال: ما يُعرف بتحدي «تناول الطعام»، والتي يتم تنظيمها من قِبل بعض الجهات لأنها تدر عليهم الربح، وتبدأ بعدما يوقّع الضحية على ورقة إخلاء مسؤولية المنظمين، ثم يلتهم المشاركون كميات كبيرة من المأكولات والمشروبات الغازية بسرعة شديدة، دون مضغ أو نفس للاستراحة، ما يؤدي إلى الإصابة بالتلبك المعوي، وربما تحتاج بعض الحالات للنقل العاجل للمستشفى، لإجراء غسل المعدة».

وتشير إلى أن هناك تحديات أخرى غير المفهومة وبنفس مقدار الخطورة، مثل: «القفز من على ظهر القوارب» وهي تسير بسرعة في غياهب البحر، وقد يعتقد من يخوض التحدي أن هذه الدقائق ستكون التجربة الأكثر متعة في حياته، غير مُبالٍ للعواقب الوخيمة التي يمكن أن يتعرض لها مثل: التواء الرقبة، أو كسر في العمود الفقري أو مناطق أخرى في الجسم، وتحدي «تناول المساحيق» المنظفات وأقراص دواء الغسل والمطهرات، وتحدي «كتم الأنفاس» عن طريق وضع اليد أو جهاز على الأنف ليعوق التنفس وقطع الأكسجين عن الدماغ لفترة ما، أو تحدي «كسر الجمجمة» بالحائط أو في أي شيء صلب، ولكي تكتمل التجربة عليه أن يصمد رغم الدماء التي تسيل على عينيه، ويكون من يتلقى أكبر عدد من الضربات هو بطل التحدي الواهي.

وتؤكد صالحة نصيب أن تحدي التعارف هو التجربة الأكثر خطورة بين هذه الألعاب السخيفة، حيث يتفق مجموعة من المراهقين أن يتعرف كل منهم على شخص ما، والذهاب معه لأي مكان، ويترك له حرية الطلبات أو الأفعال وعليه تنفيذه بدون شرط أو قيد، والتي تتضمن في بعض الحالات المشاركة في السرقة، أو الاعتداء على أحدهم والهرب، وما يزيد الأمر سوءاً أن أهم شروط التحدي تتمثل في عدم تواصل المراهق مع أي مخلوق أثناء التجربة لمدة يومين أو ثلاثة.

وتشير صالحة نصيب إلى أن مراقبة الأطفال والمراهقين من قبل الأهل، وتكريس المزيد من الاهتمام، وتنظيم أوقات للحديث والحوار عن معرفة ما يدور في أذهانهم، وكيف يقيّمون ما يشاهدونه على منصات التواصل الاجتماعي والتي يتعدد محتواها ويختلف ويتنوع بشكل مخيف، هو طوق النجاة من دوامة العالم الافتراضي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wc3wmpd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"