عادي
خلال كلمته في ندوة جاكسون هول

باول يتمسك بحربه على التضخم.. والاستعداد لرفع الفائدة «أكثر»

19:52 مساء
قراءة 5 دقائق
باول وميشيل سميث رئيسة موظفي الاحتياطي الفيدرالي وإليسا ليونارد (بلومبيرغ)

قال رئيس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، جيروم باول، الجمعة، إن البنك المركزي الأمريكي مستعد «لزيادة أسعار الفائدة إذا لزم الأمر» وسيواصل سياسته النقدية المتشددة، إلى أن يتحرك التضخم نحو الهدف المحدد وهو 2%.

في كلمته أمام الاجتماع السنوي لحكام البنوك المركزية في جاكسون هول بولاية وايومنغ، أكد باول أيضاً أن «خفض التضخم إلى 2% على نحو مستدام سيتطلب فترة من النمو الاقتصادي أدنى من الاتجاه السائد إضافة إلى تباطؤ سوق العمل» الذي ما زال مشدوداً، مع بقاء معدل البطالة منخفضاً عند حوالي 3.6%.

ودعا باول إلى مزيد من اليقظة في مكافحة التضخم، محذراً من التسرع في اعتبار أن أي زيادات إضافية في أسعار الفائدة قد لا تكون قادمة. ومع اعترافه بالتقدم الذي تم إحرازه، قال إن التضخم لا يزال أعلى من المستوى الذي يشعر فيه صناع السياسة بالارتياح. وأشار باول إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيظل مرناً بينما يفكر في المزيد من التحركات، لكنه لم يعط إشارة تذكر إلى أنه مستعد لبدء التيسير في أي وقت قريب.

رفع أسعار الفائدة

وقال باول في خطابه الرئيسي في المنتجع السنوي لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي في جاكسون هول بولاية وايومنغ: «على الرغم من أن التضخم قد انخفض من ذروته - وهو تطور مرحب به - إلا أنه لا يزال مرتفعاً للغاية.. نحن على استعداد لرفع أسعار الفائدة أكثر إذا كان ذلك مناسباً، ونعتزم الحفاظ على السياسة عند مستوى مقيد حتى نكون واثقين بأن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو هدفنا».

ويشبه الخطاب التصريحات التي أدلى بها باول العام الماضي في جاكسون هول، والتي حذر خلالها من احتمال حدوث «بعض الألم» مع استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في جهوده لسحب التضخم الجامح إلى هدفه البالغ 2%.

لكن التضخم كان يتقدم بفارق كبير عن وتيرته الحالية في ذلك الوقت. وبغض النظر عن ذلك، أشار باول إلى أنه من السابق لأوانه إعلان النصر، حتى مع وجود بيانات هذا الصيف لصالح بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى حد كبير. وشهد شهرا يونيو ويوليو تراجعاً في وتيرة ارتفاع الأسعار.

وقال: «إن القراءات الشهرية المنخفضة للتضخم الأساسي في يونيو ويوليو كانت موضع ترحيب، ولكن شهرين من البيانات الجيدة ليست سوى بداية لما سيتطلبه الأمر لبناء الثقة في أن التضخم يتحرك نحو الانخفاض بشكل مستدام نحو هدفنا».

واعترف بأن المخاطر ذات وجهين، فهناك مخاطر القيام بأكثر مما ينبغي أو أقل مما ينبغي.

تكلفة عالية على التوظيف

وقال باول أيضاً: «إن القيام بالقليل للغاية يمكن أن يسمح بترسخ التضخم فوق الهدف ويتطلب في نهاية المطاف سياسة نقدية لانتزاع المزيد من التضخم المستمر من الاقتصاد بتكلفة عالية على التوظيف. إن القيام بالكثير يمكن أن يؤدي أيضاً إلى إلحاق ضرر غير ضروري بالاقتصاد».

وأضاف: «كما هو الحال في كثير من الأحيان، نحن نبحر بالنجوم تحت سماء ملبدة بالغيوم».

المضي قدماً بحذر

وتأتي تصريحات باول في أعقاب سلسلة من 11 زيادة في أسعار الفائدة دفعت سعر الفائدة الرئيسي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى نطاق مستهدف يتراوح بين 5.25% و5.5%، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من 22 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي ميزانيته العمومية إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عامين، وهي عملية شهدت طرح سندات بقيمة حوالي 960 مليار دولار منذ يونيو 2022.

وكانت الأسواق في الآونة الأخيرة تتوقع فرصة ضئيلة لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماع سبتمبر للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، لكنها تشير إلى فرصة بنسبة 50-50 تقريباً لزيادة نهائية في جلسة نوفمبر.

إشارة واضحة

ولم يقدم باول إشارة واضحة إلى الطريقة التي يرى أن القرار سيسير بها. وقال: «بالنظر إلى المدى الذي وصلنا إليه، فإننا في الاجتماعات المقبلة سنكون في وضع يسمح لنا بالمضي قدماً بعناية بينما نقوم بتقييم البيانات الواردة والتوقعات والمخاطر المتطورة». ومع ذلك، لم يعط أي إشارة إلى أنه يفكر في خفض أسعار الفائدة.

وقال باول: «في الاجتماعات المقبلة، سنقيم التقدم الذي أحرزناه بناءً على مجمل البيانات والتوقعات والمخاطر المتطورة. بناءً على هذا التقييم، سنتحرك بعناية عندما نقرر ما إذا كنا سنزيد من تشديد السياسة النقدية أو بدلاً من ذلك، سنبقي سعر الفائدة ثابتاً وننتظر المزيد من البيانات».

وأشار إلى مخاطر النمو الاقتصادي القوي في مواجهة توقعات الركود واسعة النطاق.

الدخول في التفاصيل

وفي حين أن خطاب العام الماضي كان مقتضباً على نحو غير عادي، فقد قدم باول هذه المرة المزيد من التفاصيل حول العوامل التي ستدخل في عملية صنع السياسات.

وعلى وجه التحديد، قام بتقسيم التضخم إلى ثلاثة مقاييس رئيسية وقال إن بنك الاحتياطي الفيدرالي يركز بشكل أكبر على التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة. وأكد أيضاً أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتابع عن كثب مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس لوزارة التجارة، بدلاً من مؤشر أسعار المستهلك التابع لوزارة العمل.

المكونات العريضة

وتشمل «المكونات العريضة» الثلاثة التي تحدث عنها السلع وخدمات الإسكان مثل تكاليف الإيجار والخدمات غير السكنية. وأشار إلى التقدم المحرز في المجالات الثلاثة، لكنه قال إن القطاع غير السكني هو الأكثر صعوبة في القياس لأنه الأقل حساسية لتعديلات أسعار الفائدة. وتشمل هذه الفئة أشياء مثل الرعاية الصحية والخدمات الغذائية والنقل.

وقال باول إن التضخم الذي تم قياسه خلال الأشهر الثلاثة والستة الماضية انخفض، وهو أمر مشجع. وأضاف: «بالنظر إلى حجم هذا القطاع، فإن تحقيق المزيد من التقدم هنا سيكون ضرورياً لاستعادة استقرار الأسعار».

لا تغيير في هدف التضخم

إضافة إلى التوقعات السياسية الأوسع، قام باول بصقل بعض المجالات التي تعتبر أساسية لاعتبارات السوق والاعتبارات السياسية.

واقترح بعض المشرعين، وخاصة على الجانب الديمقراطي، أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي هدف التضخم عن نسبة ال2%، وهي خطوة من شأنها أن تمنحه المزيد من المرونة في السياسة وقد تمنع المزيد من رفع أسعار الفائدة. لكن باول رفض هذه الفكرة، كما فعل في الماضي.

وقال: «إن نسبة 2% هي هدف التضخم لدينا وستظل كذلك».

وفي قضية أخرى، اختار باول إلى حد كبير الابتعاد عن الجدل حول ما هو سعر الفائدة على المدى الطويل، أو الطبيعي، الذي ليس مقيداً أو محفزاً - وهو سعر «R-Star» الذي تحدث عنه في جاكسون هول 2018.

وقال: «نرى أن الموقف الحالي للسياسة مقيد، ويفرض ضغوطاً هبوطية على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم». «لكننا لا نستطيع أن نحدد على وجه اليقين سعر الفائدة المحايد، وبالتالي هناك دائماً عدم يقين بشأن المستوى الدقيق لقيود السياسة النقدية».

وأشار باول أيضاً إلى أن خطوات التشديد السابقة على الأرجح لم تشق طريقها عبر النظام بعد، مما يوفر مزيداً من الحذر بشأن مستقبل السياسة. (وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yckj9a7t

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"