عادي

المبادئ السياسية تحتاج إلى الدعم العاطفي

23:51 مساء
قراءة دقيقتين
مارثا نوسباوم - غلاف

القاهرة: «الخليج»

أصدر المركز القومي للترجمة، كتاب المفكرة الأمريكية مارثا نوسباوم: «المشاعر السياسية لماذا الحب مهم لتحقيق العدالة؟» ترجمة علي الغفاري؛ ويوضح الكتاب أن كل المجتمعات مفعمة بالمشاعر، وليست مجتمعات الديمقراطيات الليبرالية استثناء من هذا، فقصة كل يوم من حياة حتى المجتمعات المستقرة نسبياً، تمتلئ بطيف من المشاعر، ولا تتعلق بعض هذه المشاعر كثيراً بالمبادئ السياسية أو بثقافة الناس، لكن ثمة مشاعر أخرى موضوعها الأمة.. غاياتها ومؤسساتها وقادتها وجغرافيتها ومواطنيها.

أحياناً يعتقد الناس أن المجتمعات الفاشية أو العدوانية هي وحدها التي تتمتع بالعاطفية الشديدة، وتهتم بالمشاعر وتنميها، لكن هذا الاعتقاد – بحسب المؤلفة - خطأ، لأن كل المجتمعات تحتاج إلى التفكير في استقرار ثقافتها السياسية طوال الوقت وإلى تأمين قيمها التي تعتز بها في أوقات الأزمات؛ وكل المجتمعات تحتاج إلى التراحم فيما بينها، لمواجهة الفقدان والظلم، وللحد من مشاعر الحسد تجاه الآخرين، وتقوية مشاعر التعاطف من دون أي إقصاء.

توضح المؤلفة أنه عندما تتخلى المجتمعات الليبرالية عن منطقة المشاعر، فيحتكرها الفاشيون، يحصد الفاشيون المزايا الضخمة لهذا، ويكسبون قلوب الناس، الذين قد يعتقدون أن القيم الليبرالية مملة، فاترة المشاعر، ومن أسباب النجاح الكبير لإبراهام لينكولن ومارتن لوثر كينج والمهاتما غاندي وجواهر لال نهرو كزعماء لمجتمعاتهم الليبرالية، أنهم فهموا الحاجة في ملامسة قلوب الناس، وحرصوا على إذكاء شعلة المشاعر الجياشة لتحقيق العمل المشترك الذي وضعوه نصب أعينهم، فكل المبادئ السياسية الجيد منها والرديء تحتاج إلى الدعم العاطفي حتى يمكن ضمان استقرار هذه المبادئ، وتحتاج كل المجتمعات الطيبة إلى تجنب الانقسام والتراتبية بأن تغرس لدى مواطنيها المشاعر المناسبة التي تدعم التعاطف والحب.

كان الزعماء الديمقراطيون العظام – كما ترى المؤلفة - في أزمان وأوطان كثيرة يقدرون أهمية تنمية المشاعر الإيجابية، والتخلص من المشاعر السلبية التي تعوق تقدم المجتمع نحو تحقيق غاياته، غير أن السياسات الليبرالية بصفة عامة لم تذكر الكثير في هذا الشأن على الرغم من أن جون لوك في دفاعه عن التسامح الديني اعترف بوجود مشكلة الانتشار الكبير للكراهية بين معتنقي الديانات المختلفة في إنجلترا في ذلك الوقت، ودعا الناس إلى التحلي بالتعاطف والكرم والانفتاح، ولم يحاول أن يشرح الجذور السيكولوجية لغياب روح التسامح.

يكمن التحدي في: كيف يمكن لمجتمع كريم أن يفعل الكثير من أجل الاستقرار وتحفيز الناس بأكثر مما فعل المجتمع في تصور لوك وكانط، ومن دون أن يصبح ديكتاتورياً فاقداً لليبرالية على نهج روسو؟ بل إن التحدي يصبح أكثر صعوبة، هنا تقول المؤلفة: «يتألف حل هذه المشكلة في تخيل أساليب تمكن المشاعر من دعم المبادئ الأساسية لسياسة ينتهجها الناس في مجتمع طموح، وإن كان لا يتسم بالكمال، وهو مجتمع يمثل مجالاً من الحياة يؤمل أن يتحقق فيه ما يسميه جون رولز الإجماع بالتقاطع.

مارثا نوسباوم فيلسوفة أمريكية وأستاذة القانون والأخلاق بجامعة شيكاغو؛ تقوم بتدريس الفلسفة والقانون، وتهتم بالدراسات الفلسفية اليونانية والرومانية الكلاسيكية، وفلسفة السياسة والأخلاق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/vrecn24t

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"