عادي
في «حكايات النبات» وحب الطبيعة

«الراوي» يجمع باحثي التراث حول العالم

19:37 مساء
قراءة 4 دقائق
د.عبدالعزيز المسلم

الشارقة: زكية كردي

أن نعلم أطفالنا حب النبات والاقتراب من الأشجار، ونلهمهم الطريق إلى قلب الطبيعة الأم، ليفهموا شيفرة غضبها وأسرار تعافيها، رسالة جاءت في وقتها، حيث يحاول العالم أن يستوعب دروس الطبيعة، إنها محاولة لفك رموز حكايات النبات في التراث الشفوي والمكتوب عبر الأجيال، لشعوب احتفت بأِشجارها فوثقتها بالحكايات، تلك التي يتمعن بها ملتقى الشارقة الدولي للراوي بدورته ال23؛ جامعاً الباحثين والرواة من مختلف أنحاء العالم للتمعن في «حكايات النبات».

أشار د. سعيد يقطين من المغرب إلى أن مشاركته في الملتقى تمحورت حول «النبات في السيرة الشعبية العربية»، من منطلق حصر ما أنجز في هذه السيرة في التراث العربي، وقال: «لاحظت أن التراث العربي القديم قدم لنا الكثير من الأعمال التي سجلت كل ما كان متداولاً عند العرب قبل الإسلام من خلال الشعر، وقُدم عبر المعاجم والمؤلفات، واستثمر الراوي الشعبي هذه النصوص المتخصصة بالنبات في البيئة العربية، وقسمت هذا النبات إلى ثلاثة أصناف، النبات الطبيعي، والنبات الذي تدخل به الإنسان وسخره لخدمته، والنبات الاصطناعي وهو الذي ابتكره السحرة والحكماء، والنبات العجائبي الذي تظهر به حكمة الله)».

وأوضح أن الراوي الشعبي استغل الأنواع الثلاثة ليطور الحبكة القصصية ويجسد التحولات التي عرفتها شخصيات القصة في السيرة الشعبية، مضيفاً أنه سيوقع كتاباً خلال الملتقى بعنوان النبات، ويقسم إلى بابين، الأول النبات في التراث العربي، والثاني خاص بالسيرة الشعبية وكيف ظهر فيها النبات.

وذكر د. محمد الجويلي من تونس، مدير الدراسات في الأنثربولوجيا الثقافية والأدب العربي المكتوب والشفوي، أن مشاركته في الملتقى تضمنت إصدار كتابه الرابع بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث، بعنوان النبات الولادة والحب والموت، كما يشارك أيضاً في محاضرة «رموز البذور والنبات في التفسير الشعبي للأحلام»، وقال: «موضوع النبات على غاية من الأهمية اليوم، لأن الطبيعة غاضبة جداً، وترد الفعل بقسوة، مثل الاحتباس الحراري في العالم، نحن كعرب وكدول إفريقية لسنا مسؤولين عن سوى 5% تقريباً، فنحن لا نعتبر بلداناً صناعية، ولكن مع الأسف نعاني آثاره أكثر، وما فيضانات ليبيا إلا مثال قريب عما أتحدث عنه».

وأشار إلى أن المقاومة تتمثل في تعليم أطفالنا حب الشجر والعودة إلى الطبيعة، وهذه ضرورة يجب أن يعيها الناس.

وللسنة الثالثة على التوالي يشارك د. أسعد عبدالرحمن من السودان، الأمين العام للمجلس القومي للتراث، متذكراً مشاركاته في الدورات السابقة والشعارات التي كانت تلهم الباحثين ليكثفوا الجهود للعمل حولها، قبل عامين كان الشعار عن حكايات الحيوان، وتم تكريم البروفيسور أحمد عبدالرحيم نصري من السودان بوصفه شخصية الملتقى، فكتب عن جهوده في توثيق التراث، ليشارك في الدورة التالية تحت شعار «حكايات البحر»، حيث قدم ورقة بحثية عن «حكايات النيل»، أما عن هذه الدورة، فقدم دورة علمية عن شجرة النخيل في التراث السوداني، في شمال السودان بمنطقة مروي.

وعن أهمية الملتقى، قال نصري: «أصبح معهد الشارقة للتراث من المؤسسات الأكاديمية المهمة على مستوى العالم في مجال إدارة التراث، وفي مجال الأبحاث والدراسات، وفي مجال النشر، وفي مجال التدريب والتأهيل والتعليم، وأصبح من مراكز الفئة الثانية المصنفة من قبل اليونيسكو، وهذه الفعاليات العالمية التي ينظمها تعتبر فرصة لتلاقي الباحثين وتبادل الأفكار والخبرات».

وأوضحت بشرى سعيد السعدي، مدير المكتبات في المعهد، أن مكتبة الموروث تشارك في الملتقى بعرض إصدارات معهد الشارقة للتراث المختصة بحكايات النباتات بعناوين وإصدارات منوعة، إضافة إلى ورشة عمل للأطفال عبارة عن قراءة قصة تراثية.

ولفتت إلى أن إصدارات المعهد جاوزت ال600 إصدار، أما الإصدارات المختصة بالملتقى فوصلت إلى ما يقارب ال20 إصداراً مختصاً بالنباتات وحكاياتها في التراث المحلي والعربي، وقالت: «نهتم أيضاً بتقديم النشرة اليومية للملتقى، بحيث نتناول أهم الأحداث اليومية والأنشطة والورش، إضافة إلى مجلة الموروث، ومراود».

1
د. محمد الجويلي - د. أسعد عبدالرحمن - د. محمد الجويلي - بشرى السعيدي

وأشار د.عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، إلى أن شعار الملتقى «حكايات النباتات» كان عنواناً موفقاً، فكل الشعوب لديها حكايات عن أشجارها، فالتراث العربي كان زاخراً بالحكايات، وقال: «هذا العام حاولنا أن نوازن ما بين الإنتاج الفكري وبين الندوات والمحاضرات وما بين البرامج الموجهة للأطفال، وأعتقد أن هذه الموازنة ساهمت في تقديم تكافؤ في الأداء، وفي تقديم الموضوع بشكل موسع وغني، وأعتقد أن إصدار 40 كتاباً كان أمراً طيباً، ولدينا 50 برنامجاً فكرياً، وأكثر من 50 برنامجاً للأطفال، إضافة إلى المشاركة المجتمعية غير الحكومية، والتي أضفت بعداً جميلاً للملتقى.

وعن الإقبال على الملتقى والتواصل مع المجتمع أكد د.المسلم أن العمل في مجال الثقافة محدود للأسف، فمن الصعب أن ينافس المجالات الأخرى كالرياضة والفنون الأخرى، لكن رغم هذه المحدودية يبقى الأثر لمدى طويل وبعيد، وهذا هو الهدف، لافتاً إلى أن الهدف الأسمى يتمثل في تقديم الدعم لهذه الفئة المبدعة والمهمشة نوعاً ما، بحيث تجد المنصة التي تكرم وتسلط الضوء على ما لديها، وعلى الجهد الذي تقدمه، ما يساهم في استمرار هذا الجهد البحثي والإنساني.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/47f75fmh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"