عادي

روايات جورجي أمادو.. صوت البرازيل

23:52 مساء
قراءة دقيقتين
جورجي أمادو

تحت عنوان «تقديم شيء من البراءة» يكتب خوسيه ساراماغو مقدمة لرواية الكاتب البرازيلي جورجي أمادو «نساء البن»، الصادرة عن دار الساقي بترجمة مالك سليمان، ويستهل مقدمته قائلاً إنه لسنوات عدة، سعى أمادو إلى أن يكون صوت البرازيل وشعورها وفرحتها، وقد نجح في ذلك، فالقليل من الكتاب ينجحون، كما نجح أمادو، في أن يصيروا مرآة وصورة شعب بأكمله، إذ تعرّف الكثير من القراء الأجانب إلى البرازيل بقراءتهم كتب أمادو.

تصيب الدهشة كثيرين من هؤلاء، لدى اكتشافهم في كتب أمادو تلك الملامح الشفافة، التي تدلل على التنوع العرقي والثقافي المعقد الذي يميز المجتمع البرازيلي، فقد كانت تلك الصورة العامة والنمطية للبرازيل، المختزلة في البيض والسود والخلاسيين والهنود، تتعرض لتقويم متسارع وغير متكافئ، نتيجة تلك الديناميات التنموية في قطاعات البلد المتنوعة وأنشطتها الاجتماعية، كما لاقت شجباً رزيناً وممتعاً في أعمال أمادو.

فيما يشبه المراجعة يقول ساراماغو: «لم نكن غافلين عن الهجرة البرتغالية التاريخية، ولا عن الهجرتين الألمانية والإيطالية، اللتين حصلتا على مستوى مختلف، وفي فترات مختلفة، لكن أمادو هو الذي جعلنا نلمس مقدار جهلنا بها، فالمروحة الإثنية التي لطّفت البرازيل كانت أكثر غنى وتنوعاً من التصورات الأوروبية، كان ذلك الطيف يشتمل على الأعداد الضخمة من الأتراك والسوريين واللبنانيين الآخرين الذين غادروا بلدانهم منذ القرن التاسع عشر، وخلال العشرين، وصولاً إلى يومنا، واستسلموا، روحاً وجسداً، لمغريات الفردوس البرازيلي ومخاطره».

رحلة

يقدم أمادو في هذا الكتاب «نساء البن» حكاية رجلين عربيين، هما رضوان مراد وجميل بشارة، اللذان يقرران الهجرة إلى أمريكا، سعياً خلف الثروة، لكن سرعان ما تتفرع القصة التي تشي بالترابط إلى قصص أخرى، تدور حول عشرات الشخصيات الأخرى من الرجال العنيفين، إلى النساء المتعطشات إلى الحياة العائلية الهانئة، وذلك كله في مقاطعة «إيتابونا» في «باهيا»، مسقط رأس أمادو، لنجد أنفسنا في عالم القتلة المأجورين، ومزارع الكاكاو، التي كانت مناجم ذهب فيما مضى، والعراك بالسكاكين، والضباط الذين يتمتعون بسلطات خارجة عن القانون، لا يمكن لأحد أن يفهم مصدرها، كما أن هؤلاء الأشخاص مهووسون بتكريس الأموال.

أشخاص هاجسهم الحب في بلاد يتحارب رجالها ويتقاتلون، لكنها تفتح لهم جميعاً، أبواب الطموح والحلم، جميل بشارة الحالم بالثروة والحب، رضوان مراد المتحدث اللبق، إبراهيم جعفر الأرمل الحزين المتصابي، ليس من بينهم تركي حقيقي واحد، لكن أهل البلد دأبوا على تسمية المهاجرين من أراضي السلطنة العثمانية بالأتراك.

يقول ساراماغو: «مع ذلك إن شيئاً من البراءة (التي تقلق القارئ) يرشح من هذه القصة المضطربة المسكونة بالأشرار، شيئاً يتخلق طبيعياً كالريح التي تهب، أو الماء الذي يجري، عفوياً كالعشب، الذي يطلع بعد عاصفة مطرية، إن «نساء البن» التي تشكل أعجوبة من أعاجيب الفن السردي، رغم إيجازها المنهجي وبساطتها الظاهرة، جديرة بمكان يليق بها بين الروايات العظيمة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4zerpfef

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"