فائض النيكل العالمي

21:37 مساء
قراءة 4 دقائق

آندي هوم *

من المتوقع أن يتجاوز إنتاج النيكل عالمياً الطلب المحموم وصولاً إلى 239 ألف طن متري العام المقبل، لتكون هذه هي السنة الثالثة على التوالي التي يشهد فيها المعدن فائضاً في العرض، وهو الأكبر على الإطلاق، حسبما أعلنت المجموعة الدولية لدراسة النيكل.

وقدرت المجموعة فائض العرض الذي كان متاحاً في السوق ب 104 آلاف طن متري العام الماضي، وهو رقم قد يرتفع هذا العام. ويعد الفائض التراكمي المتوقع البالغ 566 ألف طن متري على مدى السنوات الثلاث الماضية ضخماً مقارنة بحجم سوق النيكل الأوسع، حيث من المتوقع أن يصل الاستهلاك العالمي هذا العام إلى 3.2 مليون طن متري.

وقد تم إخفاء الفائض المتزايد من النيكل حتى الآن إلى حد كبير في أشكال عقود غير متداولة في بورصة لندن للمعادن أو بورصة شنغهاي للعقود الآجلة، لكن الصناديق تراهن على أن هذه الحال ستتغير قريباً، حيث المراكز الاستثمارية في لندن هي الأكثر هبوطاً منذ عام 2019.

وتجدر الإشارة إلى أنه من أهم أسباب ازدياد الطلب العالمي على معدن النيكل، هو استخدامه الكثيف في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، ومحطات الطاقة النووية. ومن المنتظر أن ينمو الاستخدام بنسبة 12% هذا العام و9% إضافية العام المقبل بالتوازي مع تسارع الطلب على منتجات الثورة الخضراء.

وهذا بالطبع مرتبط بشكل كبير بإندونيسيا، أحد أهم موردي المواد الخام لشركات تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في العالم. وتشير التقارير إلى أن إنتاج النيكل الإندونيسي ارتفع بنسبة 31% على أساس سنوي في الشهور السبعة الأولى من عام 2023. كما أدى ارتفاع عمليات التعدين إلى زيادة بنسبة 85% في المنتجات الوسيطة المستخرجة كحديد النيكل الخام والنيكل غير اللامع، وزيادة بنسبة 20% في منتجات النيكل الأولية مثل الكبريتات.

ومع ذلك، يرتبط ارتفاع الإنتاج العالمي للنيكل أيضاً بشكل متزايد بالصين، التي رفعت إنتاجها الأولي من المعدن بنسبة 18% على أساس سنوي في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز الفائت. وعلى الرغم من أن إنتاج حديد النيكل الخام في الصين يتحول بعد استخراجه إلى إندونيسيا لإتمام عمليات التكرير، إلا أن البلاد تبذل قصارى جهدها لزيادة طاقتها في معالجة المعدن الخام، واستخلاص المادة المطلوبة منه، وتحويلها إلى منتجات صالحة للاستهلاك.

وتُقدر مجموعة «ماكواري» المالية أن الصين أضافت 270 ألف طن متري من القدرة على معالجة المواد الوسيطة إلى كبريتات النيكل العام الماضي، في حين أعلنت الشركات الصينية والإندونيسية عن خطط لرفع أحجام «كاثودات النيكل» لديها، التي تدخل في تصنيع بطاريات الليثيوم أيون، بمقدار 250 ألف طن متري بحلول نهاية عام 2024.

في غضون ذلك، كان النيكل الأضعف أداء بين مجموعة المعادن الأساسية في بورصة لندن للمعادن هذا العام. ويتم تداوله حالياً عند 18546 دولاراً للطن المتري الواحد، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 60% عن سعر المعدن الخام مطلع العام. لكن سعر النيكل المكرر لا يزال أعلى بكثير من أسعار المنتجات الوسيطة الأخرى.

كما لا تزال مخزونات النيكل الرئيسية في بورصة لندن للمعادن، البالغة 42144 طناً مترياً، منخفضة بنسبة 23% منذ بداية العام، ولكن يبدو أنها انتعشت قليلاً من أدنى مستوياتها مع وصول أكثر من 5000 طن متري منذ بداية سبتمبر. وكان المخزون في بورصة شنغهاي منخفضاً للغاية أيضاً لعدة أشهر، لكنه قفز الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى له خلال عام واحد ليناهز ال 7470 طناً مترياً.

وفي ضوء ذلك، يراهن مديرو الصناديق على أن المزيد من فائض النيكل سيظهر في القطاع المكرر من السوق، وبأنه سيتجه في نهاية المطاف إلى بورصة لندن للمعادن، سوق الملاذ الأخير. ويُذكر أن الرهان الهبوطي الجماعي بلغ صافي 15579 عقد تداول في الأسبوع المنتهي في 26 سبتمبر، وذلك وفقاً لأحدث تقارير الالتزامات. وهو أكبر مركز بيع منذ عام 2019، عندما وصل إلى ذروة 18899 عقداً. لكن بشروط الفائدة المفتوحة، فإن المركز الحالي أكبر، نظراً لانخفاض نشاط النيكل في بورصة لندن للمعادن بعد الانهيار الذي حدث في مارس من العام الماضي، والذي شهد تعليق عمليات التداول وإلغاءها بشكل مثير للجدل.

وتؤكد أحدث التقييمات التي أجرتها المجموعة الدولية لدراسة النيكل السرد المتجه نحو الهبوط. إذ يرى معظم المحللين أن السوق يشهد فائضاً هيكلياً في العرض، حتى لو اختلفت الأرقام.

ويبقى الرهان الكبير اليوم على المدة التي يستغرقها تحويل هذا الفائض إلى شكل يمكن تسليمه إلى كل من بورصتي لندن وشنغهاي للمعادن وبكميات كافية لدفع السعر إلى الانخفاض. أما الخطر الكبير فيتمثل في أن يسبق المستثمرون المراهنون على سوق هابطة عملية التحويل هذه، فبعد الاضطرابات التي حدثت العام الماضي، كلنا يعلم مخاطر تغطية عمليات البيع على المكشوف في سوق النيكل في لندن.

* كاتب في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msk92sv4

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"