عادي
شحنة عاطفية عالية في «دبي لمسرح الشباب»

«إبرة».. جرعة مكثفة من المفاجآت التراجيدية

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
مسرحية إبرة في مهرجان دبي لمسرح الشباب / محمد شعلان
مسرحية إبرة في مهرجان دبي لمسرح الشباب / محمد شعلان

دبي: عثمان حسن
تواصلت، مساء أمس الأول الأحد، في ندوة الثقافة والفنون بدبي، فعاليات الدورة 14 من مهرجان دبي لمسرح الشباب بعرض مسرحية (إبرة)، من إنتاج جمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، والعرض من تأليف الكاتب والفنان المسرحي حمد الظنحاني، وإخراج الممثل والفنان إبراهيم القحومي، وبطولة مجموعة من الممثلين، وهم: أيمن الخديم (المريض)، عادل سبيت (الدكتور)، خليفة ناصر (الممرض)، جودي النبهان (المتدربة)، علي الحوسني (رجل 1)، محمد إسماعيل (رجل 2)، يوسف إسماعيل (رجل3)، جوان (بنت1) و ريماس النقبي (بنت 2).

يتضمن العرض أكثر من حكاية وأكثر من إسقاط من خلال نص مكثف في عرض حقق فرجة مسرحية هادفة ومبهرة، بشهادة مجموعة من نقاد وجمهور المسرحية، الذين تابعوا مجريات الندوة النقدية التي أعقبت العرض الذي استمر لنحو 50 دقيقة.

تنفتح ستارة العرض على استهلال مشهدي لعبت الإضاءة خلاله دوراً محورياً من خلال إسقاطاتها المدروسة على مجموعة من الممثلين، الذين يعبرون من خلال حركات (المايم) عن حدث يقود المشاهد مباشرة إلى فضاء مركز طبي كبير يحتضن موظفين يقومون بممارسة مهامهم المطلوبة بين تسجيل المرضى، وفحوصات الدم، وحقن الإبر، وغيرها.

حدوتة

في هذا المشهد الاستهلالي تقوم ممرضة بتسجيل حالة مريض دخل للتو، فتقيس ضغطه وتسحب من ذراعه قطرة دم، ثم تشير إليه لكي يستريح على السرير المجاور، وبعد مرور وقت قليل، تخلله انشغال الممرضة بمتابعة العمل، يغادر المريض سريره لقضاء حاجة، ثم بعد، هنيهة يدخل القاعة رجل مجهول، يتلفت يميناً ويساراً، وما يلبث أن يستريح على السرير، ثم يذهب في نوبة نعاس.

في المشهد التالي، يدخل القاعة الطبيب الجراح، لتخبره الممرضة أنه ربما يكون بحاجة لتدخل جراحي عادل، وهذا ما يؤكده الطبيب الذي يكتشف أنه بحاجة لاستئصال الزائدة الدودية خوف انفجارها، ويتحقق الطبيب من تقارير الفحص، ويأمر بسرعة تجهيز المريض للعملية بمعية الطاقم الطبي، وبالفعل يقوم بجرح المريض، الذي يصحو على مفاجأة غير متوقعة، فيبدأ بالصراخ، أنا لست مريضاً، لقد أخطأتم، ومع نبرة احتجاج يرافقها لحظات ألم، يصاب الطاقم الطبي بالارتباك، وهنا، يطلب الطبيب إجراء تحليل مبدئي للمريض، فتكون المفاجأة حيث أكدت التحاليل الجديدة لهذا الرجل وجود أورام سرطانية خبيثة، فيصاب الطاقم بالهلع خاصة الطبيب، بعد إدراك الجميع أن ثمة خللاً طبياً قد حصل.

في هذه الأثناء، يحصل هرج ومرج، وهنا، تتدخل الممرضة التي تقرر إجراء عملية لإغلاق الجرح، في مفاجأة يستدل من خلالها المتفرج على أن الممرضة ما هي إلا طبيبة متمرسة في الجراحة، وأن قبولها العمل كممرضة في المشفى، جاء بعد عجزها عن الحصول على عمل في الخارج بسبب خبرتها الضئيلة، وأن إصرارها على إغلاق جرح المريض، مبعثه تلك الحادثة الشخصية التي تسببت لها بالألم بسبب فقدان والدها لحياته، نتيجة خطأ طبي مماثل، حيث قررت بعد هذه الحادثة أن تقوم بدراسة الطب.

وتتوالى مشاهد العمل، وتتوالى المفاجآت، فالمريض الثاني الذي تكشف التقارير إصابته بالسرطان أيضاً، نعرف أنه على علم مسبق بحالته الصحية، وأنه قد اكتفى بالمسكنات ليظل قريباً من ابنته الطفلة التي تحتاجه، وليس له غيرها، كما نستدل على حكاية الطبيب الذي كان يعاني من قسوة وظلم وعصبية والده، فتقوم والدته بتشجيعه طوال سنوات شبابه، وتبث في روحه طاقة إيجابية، فيدرس الطب ويبرع في الجراحة، وهكذا. وخلال اللحظة التي تقرر فيها الطبيبة إغلاق جرح المريض، ترتكب خطأ، حيث تطفئ الكهرباء في غرفة العمليات، لتحول دون قيام زميلها الطبيب بزيادة جرعة التخدير خشية تلف خلاياه، وفي هذا تلميح إلى أن الطبيب ربما كان يود التخلص من المريض. يموت المريض، لينتهي العرض بجرعة من التراجيديا، حين تدخل طفلة في عمق المشهد وهي تنادي على والدها، ليتضح أنه هو المريض الذي فقد حياته، تتسلق سريره وتبدأ بهز صدره ليستيقظ من دون جدوى.

إضاءة

ركز العرض على الإبرة باعتبارها وسيلة طبية وربما (سلاح ذو حدين)، فهي إما أن تنقذ المريض من مرضه، وإما أن تكون مهلكة نتيجة خطأ طبي فادح، وقد تم التركيز على أنواع عدة من الإبر (إبرة سحب الدم، وإبرة التخدير، إبرة خياطة الجرح وهكذا)، فهي ذات أهمية بالغة في المشافي قاطبة، وقد وفق كلاهما (المؤلف والمخرج) في توليف عمل فني قوبل باستحسان من قبل الجمهور.

من جهة ثانية، نجح العمل في تمرير فكرته بمدلولات وإسقاطات متعددة، في إشارة غير مباشرة إلى سلسلة من الأخطاء التي تتسبب في حدوث كوارث.

وبرع مخرج العمل محمد القحومي في تقديم فرجة مسرحية بأقل قدر من الديكورات، كما تمكن من إدارة الممثلين، وبعضهم صاحب تجربة مهمة من الأسماء الشابة، وبعضهم ربما شارك في عمل، أو اثنين، خاصة الممثلة جودي النبهان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4b5aznmu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"