ذاكرة لا تغيب

23:18 مساء
قراءة دقيقتين

محمد عبدالله البريكي

يعيدني معرض الشارقة الدولي للكتاب إلى ذاكرةٍ لا تغيب، وإلى أيامٍ لا تمحى من سطور الزمن، فهذا المعرض الذي حفر عميقاً في سجل معارض الكتب، وحاز رتبة عليا في سجلات الفخر والتميز، هو ثمرة غرسٍ طيّب، ونتاج جهدٍ تدلّت منه عناقيد النجاح، وأورقت غصونه وامتدت، فقد وجّه بغرسه في تربة الشارقة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي لا ننسى مقولته الخالدة: «إن البطون إذا جاعت أكلت الجِيَف، كذلك العقول إذا جاعت أكلت عفونة الأفكار»، فسموّه أراد لهذا المعرض أن يمتد في مساحات شاسعة، وأن يحلق بذكر إمارة الشارقة في مجال الثقافة فوق غيمةٍ تطوف فضاء الجمال، تلك الجهود التي سقت بذور الإبداع عبر دائرة الثقافة، فقد هيّأت له التربة الملائمة، وسقته بالأفكار الحالمة، ووجد كل مبدع في الشارقة ما تمنى، فهو يطمح إلى أن يرى ما خطه فكره مطبوعاً في كتاب، فحققت له الشارقة طموحه، وكانت الكتب التي تطبعها أشجاراً تطاول عنان السماء، ثم أكملت هيئة الشارقة للكتاب مسيرة العطاء الخصبة، لتصل به إلى أن يكون درة المعارض وأولها في سجل التميز، فزائره يجد فيه تنوع الألوان التي تسر الناظر، وتبهج الخاطر، ويعرف أن للكتب رائحة، وللأجنحة عطوراً، وللجهد الذي يبذل نوراً، وأن الثقافة التي آمن بأثرها صاحب السمو حاكم الشارقة قادرة على اتخاذ المواقف التي تنحاز إلى الحق بالكلمة.

إن معرض الشارقة الدولي للكتاب ليس مساحةً مكانيّةً عامرةً بالكتب، وأروقةً يملأها المتصفحون لعناوين الكتب، إنه الروح التي تنبض فيه، والجهد والاهتمام بدور النشر والناشرين، فقد وجدوا في الشارقة مكاناً تلتقي فيه أحلامهم، وتتحقق عبره آمالهم، إنه عملٌ ثقافيٌّ تراكميٌّ، سخرت له وسائل الدعم والاهتمام، ومن ذكريات ما سطرت عنه تلك الشحنات الوجدانية التي قلت فيها: لا يمنحني الكثير من الألفة سوى حضوري فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يجعلني ألتقي الوجوه الغائبة، ويمد لي حبل الفرحة، ويسرقني من الرتابة والضجيج وتعب الحياة، فهو العرس الثقافي الكبير، والمدى الذي نرى فيه كل وجوه الإبداع المبهرة الماتعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc7yvr3p

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"