عادي
ضفّة القراءة

مؤلفات الحب تتجول في «الشارقة للكتاب»

16:25 مساء
قراءة 4 دقائق
الحب في المنفى
الحب في زمن الكوليرا
الحب مقدمة وجيزة
خارطة الحب
قالت لي السمراء
فن الهوى
غداً يُسدل الستار على الدورة 42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، لكن لا يسدل الستار على مملكة الكتب العالمية الإنسانية، ولعلّ أكثر من أسبوع بين الكتب وأجنحتها وأغلفتها وكعوبها وألوانها ورائحة ورقها كافية للخروج ببعض الانطباعات، وأوّلها تراجع ملحوظ في كتب السياسة، وبخاصة السياسات الدولية الراهنة، وكالعادة هناك كتب في التراث والفقه عديدة وكثيرة، وأجمل ما في المعرض كثرة أجنحة كتب الأطفال، وبخاصة في الأجنحة الأجنبية، غير أن الظاهرة اللافتة في هذه الدورة، من وجهة نظر شخصية، هي كثرة كتب الحب ذات الطابع الفكري، والفلسفي والأنثروبولوجي.
إضافة إلى كثرة الروايات ذات العناوين الحبيّة، وبالطبع، لا ننسى شعر الحب، فلا تزال حبيبة نزار قباني السمراء (قالت لي السمراء) تتجول في المعرض، ولا تزال غادة السمان تعلن الحب بعد نحو 40 عاماً على صدور كتابها (أعلنت عليك الحب)، ولا يزال (أوڤيد) يعلّمنا (فن الهوى)، ورواية ماركيز (الحب في زمن الكوليرا) متداولة في المعرض، ويتهادى هذا العنوان مع رواية أخرى ولكن في زمن الكورونا.. كتب كثيرة عن الحب في هذه الدورة، بل إلى جوار الحب هناك مشتقاته الوجدانية والعاطفية، ففي المعرض كتب في الهوى، كتب في الغرام، كتب في الغزل، وقبل أن أتوقف عند أربعة كتب في الحب أشير من باب المشاهدة في التجوال إلى هذه العناوين، لتعزيز فكرة أن كتب الحب هي (ظاهرة) مرئية، وإليك هذه العناوين، على سبيل المثال لا الحصر، فهناك العشرات بل المئات من مثل هذه العناوين: (فن الغزل - مختارات من الغزليات الفارسية)، (في الحب والحياة - مصطفى محمود)، (الحب في المنفى - بهاء طاهر)، (اسمه الغرام - علوية صبح)، (خارطة الحب - أهداف سويد).
قرأت ثلاثة كتب في الحب جميعها موجودة الآن في هذه الدورة من المعرض أوّلها كتاب (ظاهرة الحب - ستة تأملات للباحث جان لوك ماريون)، ترجمة يوسف تيبس، الكتاب فلسفي أكثر منه وصفي رومانسي فهو يقوم على 42 فكرة حبّية - فلسفية)، حتى إنه يقارب بين الحب وبين الزمان والمكان، ويقارب أيضاً بين الشك واليقين وبين الحب، ويفلسف ما سمّاه (كراهية الذات)، يقول ماريون: وعلى نحو (معقّد) بعض الشيء شأن الفلسفات المعقّدة.. يقول: «يجب أن نتفحّص البداهة الهشّة التي يفترض حب الذات من قِبل الذات.. أنا وحدي فقط كافٍ لمحبة نفسي. كيف تستطيع الأنا أن تزدوج، كما يتطلب ذلك طموح التأمين من الخارج، مع البقاء هي عينها، كما تفرض ذلك نيّة حب الذات؟ إذا كان عليّ أن أحب ذاتي من قِبل ذاتي فلا مناصَ من أمرين: إما أن الأمر يتعلق بأنا واحدة، أو يتعلّق بأناتين اثنتين..».
الكتاب الثاني أخف وطأة، فلا فلسفة فيه. بعنوان (تاريخ الحب لـمارسيل تينير) نقله إلى العربية إبراهيم المصري، والكتاب رسائل وحكايات ومواقف مركزها الحب، ومما جاء في الكتاب تعريف العشق عند ابن منظور في لسان العرب «سمّي العاشق عاشقاً لأنه يذبل من شدّة الهوى كما تذبل العشقة إذا قطعت، والعشقة شجرة تخضرّ ثم تذبل ثم تُدق..».
* حضور
يستدعي تاريخ الحب هذا الكلام على المرأة في موازاة الكلام على الحب، فالمرأة هي مركز الحب، وهكذا نقرأ تلخيصات في الكتاب عن الحب عند الشعوب البدائية والمتوحشة والحب في مصر والشرق، والحب عند الإغريق، والحب عند الرومان، والحب والمسيحية، والحب عند البرابرة، وقد لفتني أن المرأة عند البرابرة كانت مساوية للرجل في الحياة العامّة.. تدرس العلوم الدينية المقدّسة مثله، وتقرأ الطابع وتتنبأ بالمستقبل..».
نقرأ أيضاً وقائع حب عند بعض الكتّاب والفنانين في العالم، وسنعرف أن الكثير من الشعراء والرسّامين كانوا قليلي الحظ في الحب «.. كان مايكل أنجلو (الرسام والنّحات) يشعر بوحدته في عصر أصابه جنون الحواس إذ يرهقه النقش والنحت، يهرع إلى بيته الذي لم يدخله الحب السعيد أبداً، ويأخذ في نظم القصائد في جوف الصمت وهدأة الليل، ينظم قصائد غرام ترن رنين النحاس.. كان يحب فيتوريا كولونا كما أحب دانتي.. بياتريس».
الكتاب الثالث بعنوان (الحب.. مقدّمة وجيزة) للباحث رونالد دي سوزا ترجمة: رندة بعث، وطالما أنني قلت قبل قليل بأن غالبية الفنانين الشعراء والرسامين هم قليلو الحظ في الحب، فسوف أثبت هنا تأكيداً على ما قلت من عند (دي سوزا) الذي يقول: «نادراً ما تكون نهايات قصص الحب سعيدة، إذْ إن أعظم قصص الحب تنتهي عادة بالموت، وتنتهي بالزواج تلك الأقل وزناً، وهي المعروفة باسم الكوميديات الرومانسية، لكن العرف بأن الزواج يمثل نهاية سعيدة يلمّح أيضاً إلى أن الزواج هو نهاية بالفعل. إنه أي الزواج ضربٌ من الموت، ليس موت المحبين أو حتى حبّهم، بل هو موت قصة حب..».
يقوم هذا الكتاب الجميل والصغير في آن على رؤية عدد من الشعراء الكبار في العالم وعلاقتهم بالمرأة، وقد قلت علاقتهم بالمرأة، ولم أقل خبرتهم بها، ذلك، حيث إن غالبيتهم عاشوا قصص حب بلا خبرة وبلا حظ.. ربما بسبب الكذب.
يقول (دي سوزا): «تبجّحت امرأة شابة ذات مرة بأنها لم تكذب أبداً على عشاقها، وعندما تحدّوها، أوضحت قائلة إنها تكذب على زوجها فحسب (لأنها تحبّه) ولكنها لا تكذب أبداً على عشاقها».
الحب والمرأة، الحب والزواج، الحب والصداقة، جميعها مقاربات موضوعية تقوم في أغلب الكتابات التأملية على الفلسفة أو على التفلسف، وينسحب ذلك على ثنائية (الحب والكراهية)، (الحب والشهوة)، بل هناك ثنائيات عديدة هي حقل مفتوح آخر للتأمل.
في ظاهرة الحب مثل (الحب والكذب)، (الحب والخيانة)، (الحب والجنون).. وإلى آخره من حقول مفتوحة للتأمل.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/34hm8k6k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"