عادي
قرأت لك

«شذرات من عبق الأيام»..الحياة حكاية نكتبها بإرادتنا

15:26 مساء
قراءة 4 دقائق
غلاف الكتاب
معرض الشارقة للكتاب
الشارقة: علاء الدين محمود
دائماً ما يتلفت القلب إلى أيام وسنوات مضت من عمره، وأماكن شهدت أجمل اللحظات والأوقات، يدفعه الشوق والحنين، ودائماً ما تصبح الذكريات العامرة بالصور والمشاهد التي تبقى حية، عالماً يلجأ إليه الإنسان، خاصة المبدع، فيحول ذلك الفيض إلى كتابة مبدعة، تحكي عن منعطفات ومواقف من حياته؛ وذلك هو سحر كتابة السيرة، فهي ليست مجرد سرد لذكريات بقدر ما هي سفر إلى عوالم حميمية.
كتاب «شذرات من عبق الأيام» للكاتب الدكتور أحمد صالح محمد بن صالح النقبي، الصادر في طبعته الأولى عام 2023، عن دار أوراق للنشر والتوزيع، يتناول صوراً من الحياة وفيضاً من الذكريات في تداعٍ حر وشفيف بعبق الماضي وعبر الأمكنة؛ حيث تدور عوالم الكتاب حول أزمنة مضت، وأماكن عالقة في القلب والروح. الكتاب سيرة ذاتية للكاتب في مراحل مختلفة من حياته بأسلوب شيّق جذاب، ودفق شعوري، وروح يسكنها الحنين، ويتناول الكاتب العديد من الصعاب التي تعرض لها، يقول: «إنها قصة تروى عن رحلة من الأحلام إلى الواقع، وعن كيفية تحقيق الأهداف التي كنت أطمح إليها، سواء في مجالي الشخصي أو المهني قصة تروي لنا كيف يمكن للإرادة والقوة الداخلية أن تساعد في التغلب على أصعب المواقف. فالحياة مليئة بالفرص والقوة، وتغيير مسارها يكمن في أيدينا. لنشرع سوياً في هذه الرحلة الشيقة، ونبدأ في بناء أحلامنا وتحقيقها، لنبدأ هذه الرحلة الممتعة سوياً».
الكتاب يقع في 99 صفحة من القطع المتوسط، ويضم عدداً من المواضيع والعناوين؛ مثل: «هي تجارب الحياة»، و«بدايات الطفولة»، و«حياة البساطة»، و«الإصرار والعزيمة»، و«جائزة الشارقة للتميز»، و«العمل التطوعي»، و«البحث عن وظيفة»، وغير ذلك من العناوين التي تتحدث عن محطات في حياة الكاتب، كما يضم الكتاب ألبوماً للصور لمناسبات متنوعة، وجاء تصميم الغلاف وهو يحمل صورة منزل قديم عاش فيه الكاتب.
«شذرات من عبق الأيام» بمنزلة رحلة ماتعة في أزمنة مختلفة وأماكن متعددة؛ حيث ينفتح المؤلف على فلسفة المكان وجمالياته، فهناك بقاع معينة يقطنها المرء، وثمة شيء ماء يربطه بها، ويشده إليها؛ إذ إن الأماكن تتعدد في حياتنا، وكل واحد منها يفيض بذكريات متنوعة؛ فبينما يحمل بعضها الجمال والألفة، هنالك أماكن أخرى مليئة بذكريات يود المرء أن ينساها؛ ذلك لأنها مشحونة بالكثير من الألم، والواقع أن كل مكان له خصوصيته ولونه الفريد الذي يميزه عن غيره، ولا يمكن لأي بقعة أخرى أن تشبهه تماماً، وأمام الإنسان تتراكم ذكريات لا تنسى، لحظات رائعة مر بها، أنيقة في مجرياتها، فكل مرحلة من مراحل الحياة تتضمن لحظات تترك أثراً عميقاً في حياة الإنسان وتمنحه قيمة كبيرة.
* ضد النسيان
ويشدد الكتاب على أن الذكريات لا يمكن نسيانها من كتاب حياتنا، فهي تمثل لحظات وأحداثاً عاشها الإنسان وصاحبته طوال رحلته في هذا العالم، على الرغم من أن الوقت قد يمضي والأيام تتلاشى، فإن بعض الذكريات تبقى عالقة في الأذهان، ويبدو أنه لا يمكن للزمن أن يمحوها، ويغوص الكتاب في تلك العلاقة العجيبة والمعقدة، والمميزة في الوقت نفسه، بين الإنسان وماضيه، فالمرء في الأغلب يتعلق بأيامه القديمة، ويحمل في قلبه ذكريات جميلة تشعره بالدفء والسعادة، فالحنين إلى الماضي البسيط والجميل هو شعور طبيعي يشعر به الجميع في لحظات معينة.
ويحتشد الكتاب بمشاعر الكاتب تجاه الزمن، ليكون عنه فكرة خاصة به؛ إذ إن الحنين، الذي هو عاطفة جياشة، قد يكون، بحسب الكتاب، نتيجة للرغبة في العودة إلى أوقات أكثر بساطة وأقل تعقيداً، فهو بمنزلة هروب من واقع اليوم، نحو زمن كانت فيه الأمور تبدو أكثر وضوحاً وأقل ضغوطاً، ففي تلك الأوقات، كانت اللحظات البسيطة تحمل معها أهمية خاصة، سواء كان ذلك في لعبة مع أصدقاء الطفولة أو أمسية هادئة مع العائلة.
* سحر الماضي
ويشير الكتاب إلى أن الذكريات تعكس مراحل حياتنا وتشكل جزءاً من هويتنا التي تأسرنا دائماً؛ إذ إن حب الإنسان للعودة إلى الماضي ليس فقط للاستمتاع بلحظات جميلة؛ بل أيضاً لفهم كيف نشأ وكيف تشكل، وفي الأغلب تكون تلك الذكريات مصدر إلهام وقوة من أجل مواجهة التحديات الحالية وبناء مستقبل أفضل، ويؤكد الكتاب أهمية الدور الذي تلعبه الذكريات في حياة الإنسان؛ إذ لا بد من الاحتفاظ بذلك الحب الجارف للذكريات؛ بل لا بد كذلك من الاعتناء بها، ولا بد من أن نرويها ونسقيها من عبقها الجميل الذي لا ينسى، لكن على المرء أن لا يستبد به الحنين إلى الماضي والاستغراق فيه؛ إذ من الضروري والمهم أن يتطلع المرء إلى المستقبل بتفاؤل وثقة، لأن كل يوم جديد يحمل معه فرصاً لصنع ذكريات جديدة، وتجارب رائعة تستحق الاحتفاظ بها في المستقبل، ولا شك أن عدم القدرة على نسيان الذكريات، يعكس عمق تأثيرها في حياته، ولئن كان بعضها يحمل الفرح والسعادة، فإن هنالك ذكريات محفوفة بالألم والحزن، ولكن بصورة عامة، فإن تأثيرها يظل يتردد في حياتنا اليومية، فهي بمنزلة أثر باقٍ.
* المعنى
ويبحث الكتاب في مغزى الذكريات في حياة البشر، فعلى الرغم من أن بعضها قد يكون ثقيلاً ومحتشداً بالمواجع والقسوة، فإنها تعطي لحياتنا عمقاً ومعنى؛ إذ إنها تذكر بما مر به المرء، وما نجح في تجاوزه، فتجعله يقدر لحظات الفرح والأوقات الصعبة على حد سواء، كما أن هناك نوعاً من ذكريات لا بد للإنسان أن يتذكرها، لأنها قد تكون تلك أجمل مراحل الحياة وأفضل أوقات قضاها في حياته ولأن الأوقات الممتعة لا تعود، فإن المرء يظل على الدوام في حنين إليها خاصة أيام الطفولة والصبا والدراسة، ويشير الكتاب إلى أن الحياة مغامرة معقدة ومليئة بالتحديات والفرص، وهي حكاية متجددة تكتب بأيدينا بأحداثها ومواقفها، فهي قصة أصحاب النجاحات والانتصارات والإخفاقات التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من التجربة الإنسانية.
ويؤكد الكتاب اتفاق المؤلف مع مقولة «إن الصورة هي عبارة عن إيقاف الزمن للأبد، بينما الكتاب يبقى ذكرى عبقة للأجيال القادمة»، ويشير إلى أن الصورة تمثل تجميد لحظة في الزمن، وبها يتم الاحتفاظ بالذكريات والتفاصيل الثمينة، فهي طريقة لنقل تلك اللحظات الخاصة والمميزة؛ حيث يمكن للكتب والألبومات أن تحمل هذه الذكريات عبر الأجيال وتجعلها تعيش بقوة في وجدان الأسرة والأصدقاء.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/392es7cw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"