عوامل تسبب القلق

22:10 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *
هنالك وقائع أساسية بدأت أو تطورت حديثاً يمكن أن تسبب الفوضى في إدارة الدول كما في العلاقات الدولية. تشير الوقائع إلى تراجع العولمة أي إلى عودة الحدود بين الدول بسبب الأمن والهجرة غير الشرعية وانخفاض النمو وارتفاع مؤشرات الفقر. كل ما بناه العالم منذ الحرب العالمية الثانية يتراجع تدريجياً بسبب الخوف الذي انتج فوزاً انتخابياً لأقصى اليمين في بعض الدول ولأقصى اليسار في دول أخرى. الاعتدال أصبح غير مرغوب به والمطلوب من السياسيين من قبل المواطنين اتخاذ المواقف الحادة غير القابلة للنقاش التي تفرض بالقوة. نتائج انتخابات رئاسية وبرلمانية عدة في أعرق الدول الديمقراطية تشير إلى هذا الواقع المستجد.

أثّرت الكورونا في الأوضاع الصحية للمواطنين وعلى الشبكات الاجتماعية العامة كما في موازنات كل الدول. أثرت في توزع الإنفاق العام وعلى الإيرادات كما على طرق العمل عن قرب وبعد، وبالتالي لم تعد الإنتاجية مرتفعة كما كانت سابقاً. أقفلت اقتصادات العالم لفترات غير قصيرة كما تأثرت معظم القطاعات أهمها السياحة والطيران بالكورونا، وها هو العالم بدأ يتنفس من جديد بعد أن سيطرت وزارات الصحة عليها. لم نبدأ نشعر بالراحة حتى ظهرت الكوليرا التي أخافت المواطنين وأساءت إلى نوعية الحياة. لم تدم طويلاً لأن معرفة الطب بالكوليرا قديمة وبالتالي تمت المواجهة الناجحة بسرعة.

أما الحرب الأوكرانية التي بدأت في شباط الماضي وما زالت تتطور، فتقلق السلام العالمي بسبب توافر السلاح النووي مع روسيا. حرب غزة خطيرة وجوانبها السياسية والإنسانية معروفة وتأثيراتها على اقتصاد المنطقة ستكون كبيرة. تؤثر الحربان سلباً في حياة كل المواطنين معيشياً بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والمواد الأولية. ينتشر التضخم عالمياً كما ارتفعت الفوائد. تأثر المواطنون في كل مكان من ارتفاع خدمة الديون وتكلفة السلة الاستهلاكية. هنالك خوف اليوم من حدوث ركود كبير بدأ من 2024 ينعكس سلباً على مؤشرات البطالة في كل مكان. هنالك صراع حول استمرارية إمدادات الطاقة من روسيا إلى أوروبا قبل فصل الشتاء يخيف المواطنين.

تغير دور الصين كثيراً ليس فقط مع بدء الولاية الثالثة للرئيس شي لكن قبلها. الصين القوية تخيف الجميع في الشرق والغرب وهنالك قلق حول دورها المستقبلي الذي يمكن أن يغير طبيعة العلاقات الدولية. أصبحت الصين المصنع الأول عالمياً لأهم السلع بدأ من الطاقة الشمسية إلى الأسمنت كما أصبحت الشريك التجاري الأول والمقرض الأساسي لأكثرية الدول النامية. الصين هي المستهلكة الأولى عالمياً للسيارات الكهربائية، حيث العدد الذي يباع في الصين هو أعلى من المجموع العالمي مما يشير إلى مجتمع واعٍ قادر يطور استهلاكه ويحدثه. بنت الصين بنية تحتية كبيرة ومتطورة ونظاماً عسكرياً حديثاً وقوياً لم يجرب بعد لكن يعتقد أنه فاعل جداً. التقارب مع روسيا يقلق الغرب وليست هنالك أسلحة فاعلة للمواجهة. نفوذ اقتصادي ومالي كبير لصين طموحة لا بد وأن ينعكس سياسياً مع الوقت.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/an72ep4e

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"