«كوب 28».. الطموحات والتحديات

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد سيف الجابري*

يأتي مؤتمر«28 COP» في ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد، حتى كانت هي نفسها تمثل تحدياً لنجاح هذا المؤتمر. فالحرب الدائرة بين روسيا والغرب على الأراضي الأوكرانية والتربص المتبادل بين الصين وأمريكا بخصوص المسألة التايوانية، وإقليمياً، الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قد تؤثر تلك الأحداث في أجواء المؤتمر بطبيعة الحال لاسيما بين أصحاب تلك المواقف المتناقضة، وهو ما يحمّل الدبلوماسية الإماراتية عبء تجريد هؤلاء القادة من تلك المدركات السلبية تجاه بعضهم بعضاً، وخلق حالة من التوافق حول أجندة هذا المؤتمر الذي يُجرى فيه أول تقييم عالمي للتقدم الذي تم نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس، وكذلك لخلق روح تعاونية للتحرك سريعاً نحو سد فجوة التمويل اللازم لإنقاذ البشرية من هلاك قادم بسبب التغيرات المناخية والاتفاق على آليات من شأنها تحقيق طموحات الشعوب.

من أولى أولويات هذا المؤتمر البناء على مخرجات «COP27» الذي عقد في شرم الشيخ المصرية والانتقال من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ الذي بدأ أولى خطواته في شرم الشيخ وتضمين مؤتمر الأطراف قضايا لم تكن مطروحة مثل الأمن الغذائي والمياه.

التحديات:

يواجه هذا المؤتمر جملة من التحديات التي تطمح القيادات العالمية ومن خلفها الشعوب إلى حلحلة الجانب الأكبر منها:

حالة التردي المناخي.. لعل معدل التردي المناخي الذي يشهده العالم اليوم هو ما حدا بالأمين العام للأمم المتحدة إلى التحذير من خطورة ذلك بقوله إن عصر الاحتباس الحراري قد انتهى وجاء عصر الغليان الحراري، بعد أن سجلت درجة الحرارة ارتفاعاً غير مسبوق في يوليو(تموز) 2023، وهو الأمر الذي بات يهدد حياة البشرية وكافة النظم البيئية على سطح هذا الكوكب، ما وضع على هذا المؤتمر مجموعة من الأعباء أهمها تقييم ما تم إحرازه في محاولات الحد من الاحتباس الحراري وتوحيد الجهود الدولية في خفض الانبعاثات الكربونية وضرورة إيجاد آليات عملية لمواجهة ذلك التردي المناخي.

التمويل.. إذا كان سيسجل لهذا المؤتمر نجاحه في إقرار وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار إلا أن تحدي التمويل مازال موجوداً في التوافق حول لائحة عمل ذلك الصندوق حيث من يشرف ومن سيستفيد منه. كذلك يحتاج الأمر إلى مزيد من الصناديق لمساعدة المناطق المنكوبة بفعل الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية كالتصحر وإيواء النازحين نتيجة الفيضانات والحرائق، وما يزيد من صعوبة هذا التحدي إصرار الدول المتقدمة على ضرورة مساهمة بعض دول العالم الثالث بوصفها مساهمة في التغير المناخي كالهند والصين.

يعتبر مستقبل الوقود الأحفوري نقطة خلاف رئيسية في هذا المؤتمر، حيث سبق وتعهد منتجو الأحفوري بتحقيق انبعاثات تساوي صفراً بحلول منتصف هذا القرن، لكن أغلب التقارير الدولية وعلى رأسها تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة يوضح أن من بين أكبر 20 دولة منتجة للأحفوري مازالت تسير عكس اتجاه التخفيض بما فيها الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا، لذلك يواجه هذا المؤتمر ضرورة العمل على توحيد الجهود لدى الدول المنتجة للوقود الأحفوري للتخلص التدريجي والمنظم والمنصف من الفحم والنفط والغاز، وذلك لتخفيف معدل الاضطرابات المناخية رغم اختلاف الرأي حول ذلك؛ ففريق يرى ضرورة التخلص من إنتاجه وفريق آخر يرى عدم واقعية ذلك الهدف وأنه لايمكن الاستغناء عنه نهائياً.

الآمال.. من خلال الحوارات واللقاءات التي تمت في الأيام المنقضية من عمر هذا المؤتمر، تبرز ثمة آمال تلوح في الأفق بدأت بتفعيل صندوق الخسائر والأضرار قد أثارت حفيظة الطامحين في تبني استراتيجية عالمية للتخلي التدريجي عن الانبعاثات الكربونية وصولاً إلى تحقيق الحياد المناخي، وكذلك الوصول إلى اتفاق ملزم بسد الفجوة التمويلية لجبر خسائر الدول الفقيرة المتضررة من انبعاثات الدول الغنية ودفعهم إلى التوجه إلى الاقتصاد الأخضر، ورغم تلك الآمال العالقة في هذا المؤتمر فهي لا تنفي صعوبة التوصل إلى تلك النتائج المنشودة في ظل وضع سياسي دولي متشرذم وأجواء عالمية بالغة التعقيد، وعدم استعداد الكثير من الدول بالتخلي عن إنتاج الوقود الأحفوري ولو تدريجياً لعدم توفر البديل المحقق سواء للنهضة الصناعية أو الاقتصادية في الدول التي يقوم اقتصادها بالأساس على إنتاجه.

ولعل ذلك ما قصده الدكتور سلطان الجابر رئيس المؤتمر، بقوله نعمل على احتواء الجميع في العمل المناخي وتضافر جهود كافة الأطراف لبناء مستقبل أفضل للبشر وكوكب الأرض، وقد اتفقت معه أيضاً أمينة أحمد بقولها أثناء المؤتمر التحضيري لهذه القمة نحن بحاجة إلى تجاوز الانقسامات الجيوسياسية وإعادة بناء الثقة، وهو أيضاً ما نذهب إليه في عظم المسؤولية الملقاة على رئاسة المؤتمر وخلفها الحكومة الإماراتية في إنجاح هذا المؤتمر وخروجه بنتائج مرضية وجعله نقطة فارقة في تاريخ الجهود المناخية. ونثق أكيد الثقة بوعي وقدرات إماراتنا النابهة.

* خبير متخصص في الشؤون الإفريقية

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mwc62hsb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"