تلعب الأسرة دوراً حاسماً في تكوين السلوك والشخصية لدى الأبناء. وقد تُبتلى بعض الأسر بوجود بعض الانحرافات السلوكية لدى أحد أبنائها أو بعضهم، والذي يظهر من خلال التصرفات والأفعال التي تنحرف عن المعايير الاجتماعية والقوانين وتكون مضرة بالفرد نفسه أو بالمجتمع.
وتشمل الانحرافات السلوكية مجموعة واسعة من السلوكيات، مثل السرقة، والعنف، والتدخين، والغياب عن المدرسة، وغيره. و لهذه الانحرافات السلوكية أسباب كثيرة ومتعددة كتأثير الأقران في الابن، والعوامل النفسية، وتأثير وسائل الإعلام، والظروف الاقتصادية للفرد، وتعتبر البيئة الأسرية أقوى هذه الأسباب وأهمها.
ويعتبر أثر الأسرة في ظهور الانحرافات السلوكية لدى الأبناء مهماً جداً، ويمكن أن يكون معقداً ومتعدد الجوانب، وله عوامل متعددة، فمن العوامل التي يمكن أن تؤثر بها العائلة في سلوك الأبناء، وقد لا تدرك الأسر أهميتها النموذج السلوكي للوالدين، فإذا كان الوالدان يظهران سلوكيات إيجابية ونمط حياة صحياً، فإن هذا بالتأكيد سيظهر تأثيرات إيجابية لدى الأبناء، والعكس صحيح. كما أن نوعية التربية والتوجيه الذي يحصل عليه الأبناء داخل المنزل يلعب دوراً مهماً، فالتوجيه الأخلاقي الإيجابي يعزز القيم الصحيحة والأخلاق الحسنة، ويحد من فرص ظهور الانحرافات السلوكية لدى الأبناء. أيضاً العلاقات العائلية الصحية والتفاعل الإيجابي بين أفراد الأسرة يخلق بيئة داعمة، وعلى الجانب الآخر، العلاقات العائلية الضعيفة أو غير الصحية قد تكون مرتبطة بزيادة فرص الانحراف السلوكي لدى الأبناء. ولا يختلف اثنان على أن الظروف الاقتصادية للأسرة قد تؤثر في سلوك الأبناء، فعدم الاستقرار المالي يمكن أن يزيد من خطر ظهور السلوكيات الانحرافية لدى الأبناء خصوصاً أنه يحد من حصولهم على متطلباتهم أسوة بأقرانهم.
ولا يمكن تصور ما للاستقرار الأسري، والأمان العاطفي، والعلاقة الايجابية بين الوالدين والأبناء من أثر في بناء حياة صحية مستقرة لهؤلاء الأبناء، حيث يشعر الأبناء بأنه يمكنهم التحدث حول مشكلاتهم بحرية ودون خوف، كما يمكنهم إيجاد حلول لها بمناقشتها مع آبائهم.
وبالتأكيد لمستوى التعليم والدعم التعليمي المقدم للأبناء في المنزل وتشجيع الوالدين للأبناء على النجاح والتفوق الدراسي أثر كبير في توجيه الأبناء، وهو وسيلة من وسائل الوقاية من الانحراف السلوكي.
وفي الختام، الوقاية من الانحرافات السلوكية لدى الأبناء تشمل مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يمكن اتخاذها على مستوى الأسرة والمجتمع والمدرسة. فالأسرة يجب أن تلتزم بدورها الإيجابي في التعامل مع الأبناء، كما أن للمدرسة والمجتمع الدور الكبير في التوجيه، والبرامج التوعوية والتثقيفية، وأنشطة الدعم النفسي والاجتماعي، وأنشطة قضاء وقت الفراغ.