عادي
صاحب العمل ملزم بتوفير بيئة آمنة

الإمارات تواكب التطور والنهضة بقوانين تراعي حقوق العامل

01:28 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: سارة البلوشي
تعتبر بيئة العمل من المحددات الرئيسية لسلامة العاملين، ومن أساسيات التنمية المستدامة، حيث تسهم في تنمية الاقتصاد لاهتمامها بالإنسان وبيئة العمل والحفاظ على استمراريتها بشكل لائق وآمن، حيث إن أحوال العمل غير الآمنة تؤدي إلى كثير من المخاطر التي تهدد الصحة، وتنعكس على أداء العمل والقدرات الإنتاجية، فهناك علاقة طردية بين صحة العامل وقدرته على العمل، فلا نستطيع تحقيق الهدف بغير مراعاة واقع العامل وصحته، فالذين يتمتعون برعاية وخدمات صحية في بيئة العمل، يكون أداؤهم أفضل ويسعون لتحسين جودة الإنتاج.

وتفتح «الخليج» ملف سلامة العمال المهنية والصحية، وفقاً للتشريع الإماراتي، وتناقشه مع خبراء ومتخصّصين في الرعاية والحماية، إلى جانب الإضاءة على العواقب القانونية لمن يخالف اللوائح والنوافذ المشروعة لهذا الجانب.

يؤكد المحامي جاسم عبدالله البلوشي، أن المشرّع الإماراتي اهتم بحقوق العمال ورعاية سلامتهم المهنية والصحية، فضلاً عن سن القوانين التي تواكب التطور والنهضة، والعمل على تنقيحها وتعديلها دورياً، للوصول بها إلى أرفع الدرجات الإنسانية التي تراعي حقوق العامل، بوصفه الطرف الضعيف الذي يحتاج للرعاية والحماية؛ ومن أهم القوانين والسياسات واللوائح المتعلقة بصحة العمال، المواد 13، 36 من قانون تنظيم علاقات العمل، إلى جانب قرار مجلس الوزراء بشأن اللائحة التنفيذية، والقرار الإداري بشأن دليل إجراءات الصحة والسلامة والمهنية، فضلاً عن القرار الوزاري بشأن الصحة والسلامة المهنية والسكنات العمالية.

وقال موضحاً إن المشرّع وضع أحكاماً خاصة بسلامة العمال ورعايتهم الصحية، إلى جانب قواعد إجراءات التعامل مع إصابات العمل وأمراض المهنة والإبلاغ عنها، بتحديد ساعات العمل وقت الظهيرة، فضلاً عن تعيين ضابط للصحة والسلامة المهنية بمرافق العمل والتأمين الصحي للموظفين، وإلزام إجراء الفحوص الطبية الدورية، ومنع المشروبات الكحولية في مرافق العمل. ووفق المادة 13 من قانون تنظيم علاقات العمل، يلتزم صاحب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة ومناسبة للعمل، وكذلك يلتزم كل من صاحب العمل والعامل بكل ما يصدر من وزارة الموارد البشرية والتوطين والجهات المختصة في الدولة، من ضوابط وإجراءات متعلقة بالصحة والسلامة المهنية.

ولأهمية وخطورة بعض الأعمال كأعمال البناء والصناعات الخطرة، فقد أحاطها المشرّع الحكيم باهتمام خاص، حيث نظم القرار الوزاري، وبند حظر العمل وقت الظهيرة في القرار الإداري، بشأن دليل إجراءات الصحة والسلامة والمهنية، ساعات العمل للأعمال التي تؤدى تحت الشمس وفي الأماكن المكشوفة من 15 يونيو وحتى 15 سبتمبر، من كل عام بحيث لا يتجاوز بقاء العامل في موقع العمل بعد الساعة 12:30 ظهراً، ويحظر استئناف العمل قبل تمام الساعة 3:00 من بعد الظهر. وفي مجال الصناعة، أوجبت التشريعات أنه على كل منشأة صناعية والمنشآت العاملة في قطاع الإنشاءات التي تستخدم عدداً من العاملين لا يقل عن 100 عامل، تعيين ضابط للصحة والسلامة المهنية يكون فنياً مؤهلاً لهذا الغرض، وتوكل له مهام الوقاية من الأخطار المختلفة والإشراف على تنفيذ الأحكام المتعلقة بهذا الشأن.

الصورة

الإبلاغ العاجل

وأوضح المحامي جاسم البلوشي، أنه في حال وقوع إصابات أو وفاة في مكان العمل، على المنشأة إبلاغ وزارة الموارد البشرية والتوطين خلال 48 ساعة من وقوع الحادث، كما أوجبت التشريعات كل منشآت العمل بعمل تأمين صحي للعمال، إلى جانب وجود كشف دوري للعمال، وذلك للكشف المبكّر عن الأمراض التي يكون لها ارتباط بمهنة العامل، فضلاً عن إلزام التشريعات المنشآت التي لديها 50 عاملاً وأكثر بإعداد نظام خاص لرصد إصابات العمل والأمراض المهنية، وأن تحتفظ بسجل يوضح كل إصابات العمل والأمراض المهنية للعمال لمدة خمس سنوات.

ونظم المشرع التعويض عن إصابات العمل والأمراض المهنية، وألزم صاحب العمل بعلاج وتعويض العامل المصاب عن إصابات العمل والأمراض المهنية، وأوجب أن يحصل العامل على التعويض بعد مدة أقصاها 10 أيام من صدور التقرير الطبي المحدد لنسب العجز، بحسب الجداول المرفقة بقرار مجلس الوزراء بشان إصابات العمل وأمراض المهنة، كما أوجب القانون واحتراماً لتقاليد وعادات ومعتقدات ومشاعر أسرة العامل أن تتكفل جهة عمله بتكاليف تجهيز ونقل جثمان العامل إلى موطنه عند وفاته.

إصابات العمل

وعلى صعيد آخر، قال المحامي إبراهيم الخوري، إن قانون تنظيم علاقات العمل أشار إلى التعويض عن إصابات العمل وأمراض المهنة، ونص على التزام صاحب العمل في حال إصابة العامل بإصابة عمل أو مرض مهني، بتحمله نفقات علاج العامل الى أن يشفى، ويكون قادراً على العودة إلى العمل أو يثبت عجزه وفق الشروط والضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

وأوضح، أنه إذا حالت إصابة العمل أو المرض المهني بين العامل، وأداء عمله وجب على صاحب العمل أن يؤدي الى العامل ما يوازي أجره كاملاً طوال مدة العلاج أو مدة 6 أشهر، أيّهما أقرب، فإذا زادت مدة العلاج على 6 أشهر يصرف له نصف الأجر، لمدة 6 أشهر أخرى أو حتى شفائه أو ثبوت عجزه أو وفاته أيهما أقرب.

وإذا أدت الإصابة أو المرض إلى وفاة العامل، استحقت أسرته تعويضاً مساوياً لأجره الأساسي عن مدة مقدارها 24 شهراً على ألا تقل قيمة التعويض عن 18 ألف درهم ولا تزيد على 200 ألف درهم، وتحسب قيمة التعويض وفق الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه العامل قبل وفاته، ويوزع التعويض على المستحقين عن المتوفّى.

بيئة آمنة

وأكد المحامي إبراهيم الخوري، أنه وفقاً لقانون تنظيم العمل يلتزم صاحب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة ومناسبة للعمل. وفي حال عدم الالتزام فإن قانون تنظيم العمل نص على «يكون لموظفي الوزارة الذين يصدر بتخويلهم قرار من وزير العدل، بالاتفاق مع الوزير، صفة الضبطية القضائية في إثبات ما يقع بالمخالفة لأحكام هذا المرسوم بقانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له، ويكون لهم حق دخول المنشآت ذات الصلة وضبط المخالفات وتحرير المحاضر اللازمة. وفق اللائحة التنفيذية لقانون إجراءات تفتيش العمل».

وتابع: على صاحب العمل الالتزام بتوفير وسائل الوقاية اللازمة لحماية العمال من أخطار الإصابات والأمراض المهنية التي قد تحدث أثناء العمل، وضمان توفير اللوائح الإرشادية والتوعوية، فضلاً عن توفير التدريب المناسب للعمال لتجنب الوقوع فى مثل هذه المخاطر، فضلاً عن تحمل كلف الرعاية الطبية للعامل وفق التشريعات النافذة في الدولة، إلى جانب تحمل نفقات التأمينات والاشتراكات والضمانات التي تحددها التشريعات النافذة ولائحة التنفيذ لقانون تنظيم العمل.

الطوارئ ورحلة العلاج

وأكد طبيب إصابات في أحد المستشفيات، أن استقبال المرضى في قسم الطوارئ يبدأ بتصنيف حالهم، ضمن أربع حالات، في حال عدم توافر بطاقة التأمين، وعليه يتم العلاج إذا لم تتطلب الحالة البقاء في المستشفى.

ولفت إلى أن الإصابات الطارئة التي تتطلب عمليات جراحية، وكسوراً وتلفاً، يدخلون القسم المختص وتقدّم الرعاية اللازمة حتى استقرار الحالة، ومحاسبة الكلفة بعد انتهاء ذلك.

وأوضح أنه في المناطق البعيدة تقدم الرعاية لأي عامل يدخل قسم الطوارئ، ويكمل رحلة العناية والرعاية من دون أي رسوم، أما المستشفيات الأخرى في المناطق الحية فتقدم الرعاية الكاملة لهم، وبعد ذلك تدفع كلفة الدواء والفحوص التي أجراها للعلاج. حيث إن مسألة الإصابات المهنية أو نتيجة الفرد مرتبطة دائماً بتوافر بطاقة تأمين أم لا.

المعاملة بإحسان

وأفادت أم عبدالله، ربة منزل: نعامل العاملات من الناحية الصحية بإحسان، رغم قساوتهن وخداع بعضهن لنا، حيث لدي عاملتان وليس لديهما بطاقات تأمين وفي حال مرضهما، وفي كثير من الأوقات ألم أسنان نرافقهما إلى الطبيب لأخذ العلاج، وشراء الدواء المناسب لحالتهما، ولدي عاملة بإرادتها طلبت الذهاب لطبيب الأسنان لتركيب تقويم وترتيب الأسنان، بعد مشاهدة أبنائي فهي بنفسها تكفلت بالدفع لأنه أمر شخصي.

شائعات النزاعات العمالية

وقال المحامي عبدالله بن حاتم، إن هناك بعض الأسباب الشائعة التي تتسبب في النزاعات العمالية بشأن مسألة صحة العمال، ومنها على سبيل المثال حقوق العاملات، فاهتم المشرّع بأن ينظم نصاً خاصاً بالمادة 30 من القانون ذاته، التي أعطت العاملة في ما يتعلق بإجازة وضع لها ستين يوماً، منها 45 يوماً بأجر كامل، و 15 يوماً التي تليها بنصف أجر، فضلاً عن 45 يوماً أخرى، تستطيع أن تنقطع فيها عن العمل بدون أجر، في حال أصابها أو أصاب طفلها مرض ناتج عن الحمل، وكذلك اهتمّ المشرع بالعاملة إذا أنجبت طفلاً من ذوي الهمم وتتطلب حالته الصحية مرافقاً مستمراً له وفق تقرير طبي، حيث أعطى العاملة حقاً في إجازة 30 يوماً بأجر كامل، تبدا بعد انتهاء مدة إجازة الوضع، وحظر المشرع على صاحب العمل إنهاء خدمة العاملة بسبب الحمل أو إجازة الوضع أو الانقطاع عن العمل وفق أحكام القانون، وفي بعض الأحيان يخل صاحب العمل ويستغل أوضاع العاملة وحملها أو إجازة الوضع أو إجازة بسبب الأمراض الظاهرة عليها نتيجة العمل أو غيره من الأسباب فيفصلها من دون وجه حق.

الأجر والإجازات

وأكد أن هناك الكثير من المشكلات العملية التي تتعلق بحقوق العمال من جانب الإجازات المرضية التي يمتنع أصحاب العمل في بعض الأحيان عن إعطاء العامل الإجازة المرضية المقررة قانوناً، فيفصل العامل لأسباب مرضه رغم أن المشرع في قانون تنظيم علاقة العمل أعطى للعامل حق الإجازة المرضية على سنوية متصلة او متقطعة لمدة 90 يوماً، فجعل منها 15 يوماً بأجر كامل و30 يوماً التالية بنصف أجر والمدة التي تليها بدون أجر وأعطى لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل بعد استنفاد المدة المشار إليها اذا تعذرت عليه العودة الى عمله على أن يتقاضى مستحقاته المالية كافة.

التزامات العامل

أوضح أن القانون وضع التزامات على العامل أيضاً للوقاية من الإصابات والأخطار المهنية، وتتمثل في تحديد المخاطر المحتملة التي تهدد صحته وسلامته وسلامة الآخرين والإبلاغ عنها واقتراح التدابير للقضاء عليها أو السيطرة عليها مع الابتعاد عن أي خطر وشيك الوقوع. فضلاً عن استخدام وسائل الوقاية والمحافظة عليها وتنفيذ التعليمات للمحافظة على صحته ووقايته من الإصابات والامتناع عن أي فعل يقصد به منع تنفيذ هذه التعليمات أو إلحاق ضرر أو تلف بالوسائل الموضوعة لحماية صحة وسلامة العاملين المشتغلين معه، إلى جانب الحرص على سلامة معدّات الوقاية الشخصية.

اختلاف الثقافات والحماية القانونية

أوضح المحامي عبدالله بن حاتم أن القانون يحمي صحة العمال الوافدين أياً كانت ثقافتهم أو لغتهم، بوضع التزامات على المنشأة (صاحب العمل) للوقاية من الإصابات والأخطار المهنية والالتزام بالصحة والسلامة المهنية للعمال وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، خلال توفير وسائل الوقاية اللازمة لحماية العمال من أخطار الإصابات والأمراض المهنية التي قد تحدث أثناء العمل، إلى جانب ضمان توفير اللوائح الإرشادية والتوعوية، وتوفير التدريب المناسب للعمال لتجنب الوقوع في المخاطر

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5n8ynetn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"