مشكلتنا كهربائية أولاً

22:58 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة*
تأثير الخدمات الكهربائية المتردية في الاقتصاد اللبناني سلبي جداً ويسوء من شهر إلى آخر مع الشلل السياسي. فالأسر تتعذب من عدم توافر التغذية الكهربائية ومن تكلفتها التي تقضي على قسم مهم من موازنات الأسر، وبالتالي ما يتبقى لا يكفي للحاجات الأخرى من غذاء وتعليم وصحة وغيرها. تكلفة الكهرباء موزعة على تعريفة الدولة التي ارتفعت مؤخراً والمولدات بالإضافة إلى طاقات أخرى نظيفة تكلفتها الاستثمارية مرتفعة كالشمسية التي ربما لا تصلح لكل الفصول ولكل المناطق. تكلفة الكهرباء مهمة وتضخمية وتؤثر في نوعية الحياة وتضيف هماً كبيراً إلى هموم الأسر المثقلة أصلاً.

في قطاع الأعمال، تضيف الكهرباء إلى تكلفة الإنتاج واستمراريته. لا يقيم التلوث البيئي في لبنان بالرغم من ارتفاعه وتأثيره الكبير في الصحة والعمر المرتقب. كيف يمكن أن نحلم بقطاع صناعي متطور من دون كهرباء متوافرة وبأسعار مقبولة. هنالك دراسات استشارية على مدى الزمن تنصح لبنان باعتماد صناعات معينة في مناطق معينة، لكن ما فائدتها من دون كهرباء؟ هل نعود إلى الصناعات الحرفية التي لا تحتاج إلى كهرباء وننسى التطور والأفضليات المقارنة ووفورات الحجم؟

في الزراعة كيف يمكن الري من دون كهرباء بالإضافة إلى تأمين كافة التقنيات التي تنقل السلع من المزارع إلى المستهلك وتحول بعضها عندما تكون القيمة المضافة كبيرة. تكلفة الكهرباء ترفع تكلفة الإنتاج وتؤثر سلباً في الصادرات وبالتالي في معيشة المزارع والريف. هل هنالك زراعات بدائية لا تحتاج إلى كهرباء ويمكن تسويقها بل تصديرها للحصول على العملة الصعبة؟

في السياحة من يأتي إلى دولة ليس فيها كهرباء؟ اللبناني المنتشر يأتي لزيارة الأهل والأصدقاء، أما السائح فيأتي للتنعم بكل شيء وهنا تكمن أهمية الكهرباء. هل نكتفي بزيارة المنتشرين لنا أم نحلم بقطاع سياحي فاعل كما كان لبنان. الكهرباء هي جزء مهم من ركائز السياحة وتؤثر في الطلب في الفنادق والمطاعم وأماكن الراحة ساحلاً وجبلاً. في كل قطاعات الخدمات من تعليم وصحة، الكهرباء أساسية وتضخمية وتؤثر في أسعار كل السلع والخدمات.

في القطاع العام، لا يمكن للإدارات أن تلعب دورها الأساسي من دون كهرباء. تتعطل الإدارات الرسمية بما فيها القضاء من عدم توافر الكهرباء، إضافة إلى الأسباب الأخرى من أجور ونقل ومنافع وغيرها. إقفال الإدارات العامة يسيء إلى المواطن الذي يحتاج إلى شريك نشط وفاعل يؤمن له كل الحاجات المحقة من جواز سفر ووثائق رسمية وإفادات ثبوتية وغيرها. هل نقبل بمطار مظلم بسبب غياب الكهرباء، ما يعتبر إهانة لنا كمجتمع وليس فقط بحق المسؤولين. مقارنة مطارنا بمطارات الدول المجاورة يبين لنا بوضوح ما وصلنا إليه.

لا بد من محاسبة من سبب غياب الكهرباء في لبنان. نقصد هنا ليس فقط المسؤولين في السلطة التنفيذية وإنما أيضاً في التشريعية والإدارية وكل من شارك سلباً في هذه «الجريمة». المحاسبة ليست سياسية وإنما حياتية ويجب أن تكون موضوعية.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/26cnhe8s

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"