شروخ في الاتحاد الأوروبي

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

لا تزال الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي على أشدّها، حول العديد من القضايا، الداخلية والخارجية، وثمة انقسام لا يبدو أن له أفقاً لحلحلته على المدى المنظور، نظراً لاختلافات جذرية في وجهات النظر، وتتركز التباينات حول ميزانية الاتحاد، وتمويل أوكرانيا في مواجهة روسيا، وفشل اتخاذ موقف موحد من الحرب في غزة، وعدم اتفاق قادة دولها، بين من يدعو لوقفها نظراً لارتداداتها الإنسانية الصعبة، وبين من يؤيد إسرائيل في حربها، على الرغم من آلاف الضحايا الفلسطينيين.

قادة دول الاتحاد، حاولوا مراراً، إيجاد صيغ توافقية حول ما يفرقهم، خصوصاً أن ثمة قضايا ملحة تتطلب رأياً جماعياً، كالحرب في أوكرانيا، إذ إن الاتحاد بدأ بالتململ حول دعم كييف عسكرياً ومالياً، كما أن قمته التي عقدت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي رفضت مدها ب50 مليار يورو، مع إحباطهم من النتائج التي حققتها أوكرانيا ميدانياً، وفشل الهجوم المضاد، وأيضاً تخوفهم من استمرار تأثيرات الحرب في دولهم، في ظل التضخم، والتهديدات الأمنية والاقتصادية التي تواجههم. هذا الأمر دفع المستشار الألماني شولتس، إلى توجيه انتقاد لاذع لأغلبية دول الاتحاد الأوروبي، بأنها لا تقدم ما يكفي من الأسلحة لدعم أوكرانيا، وقال: «رغم أهمية المساهمة الألمانية، فإنها لن تكون كافية لضمان أمن أوكرانيا على المدى الطويل».

كما أن الخلاف تصاعد حول كيفية إدارة تدفقات المهاجرين، حيث فشل التكتل في اعتماد سياسات جديدة للهجرة؛ بسبب اعتراضات من بولندا والمجر، حول خطط لإصلاح القواعد المتعلقة بطالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، حيث وصفتها وارسو بأنها «إملاءات» من بروكسل وبرلين، بينما أكدت بودابست، أن التشريع المقترح، الذي يلزم دول الاتحاد الأوروبي باستقبال حصة من المهاجرين، أو دفع المال لأولئك الذين يفعلون ذلك، بمنزلة «اغتصاب قانوني».

وكان لغزة حصة الأسد من هذه الاختلافات، فمع استمرار ارتفاع عدد الضحايا في القطاع، حاول عدد من قادة الاتحاد إقناع شركائهم بالالتفاف حول دعوة موحدة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، لكن هذه الدعوة لم تلق تفاعلاً جدياً من العديد من الدول الفاعلة، مع استمرار دعمها لإسرائيل باستمرار الحرب، على الرغم من دعوتهم في الوقت ذاته لتقليل خسائر المدنيين، في تناقض رهيب.

الاتحاد الأوروبي يواجه معضلات كثيرة قد تفكّكه، وكانت الضربة الأكبر خروج بريطانيا، ثم توالت الضربات وصولاً للحرب في أوكرانيا، والأزمات المالية، وتصدّر اليمين المتطرف فيه، لذا فإن لم ينتبه قادته والعقلاء فيه، فإنه سيسقط سقوطاً حراً، طال الزمن، أم قصر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/42k97p9e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"