خصائص العملات المشفرة

21:00 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة*
ارتفعت تجارة العملات المشفرة كثيراً مؤخراً بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية المتردية ورغبة المستثمرين بتحقيق أرباح كبيرة وسريعة غير متوافرة في الأسواق العادية التقليدية. سرقات كبيرة لهذه العملات تمت مؤخراً بسبب غياب الرقابة الجدية والحماية المدروسة. تقلبات أسعارها كانت تدعو الى تطبيق الرقابة، وهذا ما لم يحصل من قبل الجهات الرسمية المتخصصة. توسعت الأسواق المشفرة من لا شيء منذ أكثر من 15 سنة الى ما يقارب 3 آلاف مليار دولار قبل الأزمة المصرفية الأخيرة. تتقلب أسعارها يومياًً ما يؤثر على قيمتها، وبالتالي على أرباح أو خسائر المستثمرين.

لم تستطع هذه العملات الحلول مكان العملات الورقية العادية كالدولار واليورو وغيرهما لأنها تفتقد إلى المزايا الأساسية لأي نقد وهي الثقة به من قبل المواطنين والقطاعين العام والخاص في الداخل والخارج. تمنح الثقة عادة للعملات العادية الصادرة عن المصارف المركزية والمدعومة من القوانين.

إن تقلبات أسعار العملات المشفرة تجعلها لا تحفظ القيمة، وبالتالي خطرة للتبادل التجاري. تحاول المصارف المركزية إنشاء عملاتها الرقمية التي يمكن أن تكون بديلاً عن النقد الورقي شرط حماية الخصوصيات والسريات التي يتمتع بها التبادل النقدي العادي بالإضافة إلى استقرار أسعارها.

اذا وضعت الرقابة على العملات المشفرة، فهل تبقى مرغوبة من قبل من يطلبها؟ أحد أسباب وجودها والرغبة بها هي مخاطرها وأرباحها الكبيرة وبالتالي إذا تمت الرقابة تصبح مستقرة كغيرها من العملات أو المؤسسات أو البورصات الكلاسيكية. لا يمكن طلب الشيء ونقيضه، وهذا ما يحصل اليوم. إن سقوط الأسواق المشفرة سابقاً عبر أهم مؤسساتها وقياداتها والخسائر التي تحققت للمستثمرين العاديين العالميين تتطلب من الخبراء وضع دروس للمواطنين حماية لهم.

خسائر كبيرة سريعة، وأحياناً العكس أي أرباح سريعة كبيرة جميعها تجعل مخاطرها مرتفعة. هنالك دروس مهمة للراغبين بالاستثمار بها نقترح منها، عدم الثقة بالمبشرين أي البائعين للربح المشفر. هنالك العديد من الغشاشين في تلك الأسواق كما في غيرها. معظم هذه الشركات توظف أشخاصاً معروفين في عالم الفن والشهرة للترغيب. هنا يكمن نضج المستثمر في الإصغاء وعدم التهور.

أما الثقة فهي مهمة جداً في أي عملية استثمارية، إذ إن بناء قصور في إسبانيا لا ينفع مالياً ومادياً. يجب الخوف والحذر من الأشخاص الذين يدعون المساعدة في عالم المال، وهم يعملون للإيقاع بمن لا يملك الحصانة التقنية والعلمية الكافية. لا تقترض للاستثمار في هذه الأسواق لأن المخاطر مرتفعة والإفلاس محتمل.

هنالك فارق كبير بين الاستثمار والمضاربة، كما بين التسلية والمقامرة. الاستثمار هو عملية تفيد المستثمرين كما المجتمع عموماً أي الاقتصاد العام والنمو. لا تهدف المضاربات الى هذا الخير العام بل إلى الربح الفردي أو المؤسساتي. لا ننكر أن مزايا أي سوق ناضجة تبنى على تنوع أفرادها ومصالحهم وهذا ضروري للاستقرار المالي. إن أساس الحماية يكمن في الشخص نفسه عبر ضرورة درس ما يقدم له قبل التنفيذ.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/m8f38kvr

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"