ترى ابتهال العسلي في كتابها «المصاغ الشعبي المصري دراسة ميدانية في منطقة مصر القديمة»، أنه بمرور الوقت أصبحت هناك عقائد مرتبطة بالألوان، والأحجار، لتحمي الإنسان من مخاطر الطبيعة وتقلبات الجو، وتطورهما من مجرد لباس يحقق لديه قيمة نفعية، أو يشبع له بعداً جمالياً يسعد به إلى إشباع نواح سحرية وقوة خفية بداخله، لذلك أقبل الإنسان الأول في العصور الأولى، على حب الحلي والتزين بكل أشكال الطبيعة، وأصبحت الحلي أهم جزء في ملابس الرجال والنساء، وكانت حاجته لذلك بسيطة ومكملة، فصنع أقراطاً له وأساور، وتحلى بالعقود والقلائد والخواتم والأحزمة المصنوعة من العاج والأحجار الكريمة، فحب الجمال غريزة داخل الإنسان.
واكتشف الإنسان المعدن وما له من رمزية خفية تشبع لديه قوة خفية يستمدها من صلابة المعدن ولونه البراق، فأصبح يستوحي فنه وزخارفه من معتقدات وتقاليد نابعة من داخله، وعمل على صباغة عناصر الطبيعة بالمعدن، ليضفي عليها صفة البقاء والخلود نظراً لقوة المعدن وصلابته إلى أن أصبح المعدن نفسه له أهمية قصوى.
ثم تفنن الصائغ في تشكيل المعدن وتمكن من صياغته بمختلف الوسائل باستخدام بعض الأدوات البسيطة التي أخذت تتطور مع التقدم العلمي، فصناعة الحلي صناعة يدوية خالصة، وهي جزء من المصاغ الشعبي، له أبعاد تاريخية، وهناك دلائل وقرائن على وجود هذا الفن بالحضارة المصرية القديمة مروراً بالعصور المختلفة إلى الآن.
