عادي

تحولات لغوية تجتاح النظام العالمي الجديد

22:09 مساء
قراءة 3 دقائق
تحولات لغوية تجتاح النظام العالمي الجديد

القاهرة: «الخليج»
يدور كتاب «اللغة والسلطة» لكاتبه نورمان فيركلف ترجمة الراحل الدكتور محمد عناني، حول العمل الذي تؤديه اللغة للحفاظ على علاقات السلطة وتغييرها في المجتمع المعاصر، وحول أساليب تحليل اللغة، حيث يوضح الكاتب في فصل عنوانه «اللغة والسلطة عام 2000» أن العالم تغير منذ نشر الطبعة الأولى من هذا الكتاب عام 1989. هذا العام كان بداية لمجموعة كبرى من التغيرات، وهي انهيار الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية في وسط أوروبا وشرقها.

تحولات لغوية تجتاح النظام العالمي الجديد


لم تكن التغييرات التي شهدها العالم عميقة في ذاتها وحسب؛ بل إنها أحدثت آثاراً عميقة في الطرائق التي يبصر بها الناس العالم عادة، وبصفة عامة ازدادت نظرة الكثير من الناس إلى العالم عما كانت عليه منذ عقد واحد من زاوية العلاقات العالمية.
وهذا لا يعني أن العالم قد «تعولم» في غضون عشر سنوات، أو أن الدول الأمم فقدت فجأة دلالتها، لكنه يعني أن الاتجاهات نحو العولمة، التي كانت قوية أصلاً منذ الثمانينات وما قبلها، أصبحت تبدو في عام 2000 أهم مما كانت عليه آنذاك.
لهذا- كما يرى المؤلف- تأثير مباشر في مسألة السلطة، لا تزال علاقات الهيمنة قائمة بطبيعة الحال ولا تزال دلالتها قائمة داخل الدولة الأمة ومؤسساتها.
وعلينا- كما يوضح المؤلف- أن ننظر إلى العلاقات والأبنية والعمليات الاجتماعية على المستوى الدولي، حتى نفهم ونحارب الآثار السلبية، التي يمكن تجنبها المجتمع الرأسمالي المعاصر، ومن بينها الفقر والفجوة التي تتسع ما بين الأغنياء والفقراء وعدم المساواة والإقصاء الاجتماعي، وبعث النزعة القومية والوطنية المتطرفة والعنصرية، والاستغلال المزدوج للكثيرات باعتبارهن نساء وعاملات.
يرى الكاتب أن مسائل اللغة والسلطة ذات أهمية جوهرية في تفهم النظام الجديد، ما دامت للغة أهمية متزايدة في الحياة الاجتماعية، وضروب الصراع من أجل فرض النظام الجديد أو مقاومته، تعتبر في جانب منها صراعات على اللغة أي حول الطرائق الجديدة لاستعمال اللغة، وحول الصور اللغوية الممثلة للتغيير.
يوضح الكاتب دور اللغة في فرض النظام الجديد، وفي مقاومته بأمثلة من أساليب عمل الشركات متعددة الجنسيات، وظهور خطاب سياسي دولي جديد يمثل يسار الوسط والمعارضة من بعض التيارات السياسية مثل حزب الخضر.
ويؤكد الكاتب أن مذهب الليبرالية الجديدة يرتكز على توفير الحد الأقصى من حرية التجارة وحرية انتقال البضائع والأموال والأشخاص على المستوى الدولي، أما مضمونها فهو التحول في العلاقة ما بين السوق والدولة، وهي العلاقة التي اتسمت بها الرأسمالية في معظم فترات القرن العشرين، بحيث تحرر السوق من الضوابط التي تضعها الدولة، وتقوض دور الدول في توفير الرعاية الاجتماعية وتحويل الدولة إلى مدافع محلي عن حرية السوق وداعية إليها.
يشير الكاتب إلى أن مسألة اللغة والسلطة مسألة جوهرية في التحليل الأكاديمي للنظام العالمي الجديد، وضروب الصراع حوله، لماذا؟ لأننا نشهد ظاهرة مهمة هي «التحول إلى اللغة» في الحياة الاجتماعية المعاصرة، فالعولمة تقتضي العمل عن بعد، ومعنى هذا أن العمليات الاجتماعية والعلاقات قد اتسعت رقعتها، فأصبحت في مساحة شاسعة من حيث الحيز الجغرافي والاختلافات الاجتماعية والثقافية.
إن جانباً مما يربط الأشخاص بعضهم ببعض كترابط العاملين في شركة متعددة الجنسيات، على سبيل المثال، يعتمد على اشتراكهم في تصور ما يؤدونه من أعمال، لكن اللغة في الوقت نفسه تزداد أهميتها لما يؤدونه من أعمال؛ إذ إن ما تقوم به الشركات متعددة الجنسيات، وما تنتجه وتبيعه من بضائع وخدمات، يزداد ارتباطه بالطرائق الخاصة لاستخدام اللغة، وعلى سبيل المثال فإن سلسلة فنادق هيلتون نجد أن جانباً كبيراً من بضائعها، يتكون من أسلوب استعمال اللغة في المعاملات بين موظفي الشركة وعملائها في الوثائق المطبوعة واللافتات وفي الدعاية لهذه الفنادق.
التحول إلى اللغة يعني أن الكفاح في سبيل فرض النظام الجيد أو مقاومته، يعتبر إلى حد كبير كفاحاً في سبيل لغة جديدة أو ضدها، وهكذا يصبح البحث النقدي في اللغة عنصراً مهماً من عناصر السياسة الخاصة بالنظام العالمي الجديد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/pjwfakzv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"