محرقة أطفال غزة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

مأساة عميقة، لا يمكن للكلمات أن تعبر عن شعور من يعايشها، ولن تسعف اللغة توصيف آخر لحظات من يموت الآن جوعاً في غزة، أو شرح ما يختلج قلوب ذوي الأطفال وهم يرون فلذات أكبادهم يتلوّون ببطون خاوية لأيام، والكثير منهم قد فقد حياته بالفعل، مع قلة الحيلة والضعف والعجز عن مدّهم ولو بالقليل ليعيشوا كي يكونوا شاهدين على مذبحة ارتكبت بحقهم.

أطفال غزة ونساؤها هم الأهداف الأولى لآلة الحرب الإسرائيلية التي تشنّ عليهم، ويشكلون نحو 75% من مجمل الضحايا الذين بلغوا أكثر من 100 ألف ما بين ضحية وجريح ومفقود؛ إذ إن أشلاءهم تملأ كل مكان، وفي بعض الحالات تم دفن الأجساد الغضة سواء المقتولة بالقصف المباشر أو الجوع أو المرض، في ساحات مدارسهم التي كانت بالنسبة لهم الأمل والنور للمستقبل، أو قرب الشوارع التي كانت لهم متنفساً للعب، أو في باحات المستشفيات التي فشلت في تضميد جراحهم، بينما الكثير منهم لا يزال مدفوناً بين الركام، ولم يجد من ينتشله حياً أو ميتاً؛ حيث قالت وكالة «الأونروا» بعد 40 يوماً فقط من الحرب إن «عدد القتلى من الأطفال والنساء في القطاع يفوق عدد المدنيين القتلى خلال الحرب في أوكرانيا»، بينما دخلت المقتلة بحقهم الشهر الخامس.

تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» أيضاً، أشارت إلى أن 17 ألف طفل في غزة أصبحوا من دون ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم خلال الحرب، ويعتقد أن جميع الأطفال تقريباً في القطاع بحاجة إلى دعم في مجال الصحة النفسية، وبيّنت أن 340 ألف طفل في غزة دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية، وثمة 800 ألف طفل نزحوا من منازلهم، ويعيشون ظروفاً بيئية صعبة في مراكز الإيواء المكتظة.

أما وضع النساء فهو الأكثر صعوبة، في ظل انعدام المأوى والغذاء أو العلاج المناسب، ما يهدد بإصابتهن بأمراض قاتلة، هذا فضلاً عن قتل الآلاف منهن بالغارات الإسرائيلية.

ومع بدء الحرب كان هناك أكثر من 50 ألف امرأة حامل، إذ عانين سوء الخدمات الصحية مع توقف معظم المستشفيات عن العمل، وفي أحيان كثيرة لم يتوفر لهن الحد الأدنى من العناية، الأمر الذي يضعهن ومواليدهن في دائرة الخطر الشديد.

غزة تتعرض لظروف إنسانية كارثية، فكل ساعة يقتل نحو 9 فلسطينيين على الأقل، كما ارتكب بحقهم أكثر من 2300 مجزرة، ومازالت الفاتورة في ازدياد، ما يهدد جيلاً كاملاً بالموت أو الضياع أو الإعاقات.

أهل غزة بحاجة إلى من ينتشلهم من الموت، ووقف ما يرتكب بحقهم، وإلا فإن آثار ما يتعرضون له ستمتد لفترات طويلة جداً، تنعكس على مجمل معيشتهم بالسلب، وسيكون العالم أمامهم متهماً أخلاقياً لصمته عن ذلك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/35kkz4ke

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"