ومضى شهر الابتكار الذي يختم أيامه الأخيرة، وأبرز ما تنافست به الجهات الحكومية، وكان لافتاً استخدام الأجهزة الذكية والتطبيقات إضافة إلى الأجهزة الإلكترونية لتسهيل المهام وإنجازها في أقل وقت ممكن، كما كان من ضمن فعاليات شهر الابتكار احتفال بعض الجهات بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي أبدعت وابتكرت أساليب جديدة لتقديم خدماتها، ووفقت الجهة بتلك الفعاليات الداعمة للابتكار «المجتمعي» أيضاً، وكانت بعض الجهات عرضت أفكاراً قابلة للتطبيق أو في طريقها للتطبيق بعد أن ثبت نجاح النماذج المثيلة لها.
فكرة شهر الابتكار السنوية أحدثت نوعاً من التنافس بين الجهات الحكومية في جميع إمارات الدولة لتقديم ابتكاراتها في خدماتها الحكومية، وهي فكرة رائدة بحد ذاتها تسرع تطوير الخدمات، وتجعل الجهة والقائمين عليها في تفكير دائم بتطوير الخدمات، ونرجو أن يماثلها إبداع موازٍ في الأفكار بشكل مستمر ولا متناه لا بالخدمة نفسها فقط بل بالموظفين أنفسهم والقائمين على تقديم الخدمة، إذ تركز الابتكار في تقديم الخدمات ولم يحظ الموظفون والقائمون على تطبيق الابتكار بفرصة ليهتم بهم المسؤولون عن خلق بيئة الابتكار والتنافس، فأيضاً الإدارات لها مجال واسع في تقديم ابتكاراتها لخدمة الموظفين أنفسهم، وابتكار أي من الأفكار والخدمات التي تسرع تقديم الخدمة من مقدميها وتسهيلها.
فما فائدة الابتكار «اللحظي» أو المؤقت الذي يتوقف على عرضه في معرض الابتكار، إذا كان القائمون عليه «ساخطين» في عملهم ولم يحقق لهم ما يطمحون إليه من تقدير وتعزيز لأدائهم وللابتكار الذي وقفوا عليه وأنجزوه ورفعوا اسم الجهة عالياً به، فالمواءمة بين خلق الابتكار وبيئته مطلوبة، والأفضل أن تكون متوازية ومتلازمة، كي لا يكون الابتكار مجرد واجب يقدمه الموظفون بملل، والأجمل أن يتنافس المسؤولون عن «الفئة» المحدودة التي يترأسونها ويسخرون ابتكار الأفكار في خدمتهم وتسهيل المهام لهم، والابتكار الذي ينتج منهم ساعتها سيكون في أبهى صورته ويخدم الأهداف الحقيقية التي ابتكر لأجلها.
فكيف يوفر «المسؤول» ممكنات الابتكار ويسعى للطرق الإدارية التي يستخلص منها أفكار وتطبيقات موظفيه نحو الابتكار، ويحرص في الوقت نفسه على الإدارة العادلة ذات المصداقية، والابتكار في الإدارة ذاتها، والعدالة واجبة من قمة الهرم ليحظى الجميع ببيئة عمل تنافسية حقيقية، ولينعم بعدها المستفيدون من الخدمة بالخدمات المتميزة والمبتكرة التي تقدم برضا تام وبابتسامة تعكس الجو العام من مقدمي الخدمة.
