خلاف عابر

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

حتى إن ثبت أن هناك خلافاً دائراً بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بشأن الحرب في غزة، فإن ذلك لن يغيّر من جوهر العلاقة بين واشنطن وتل أبيب شيئاً مذكوراً، وسيبقى الأمر مجرد اختلاف على أولويات مرحلية تخصّ كل طرف، بينما جوهر المصلحة واحد.

أولويات بايدن الآن تدور مع تطورات المعركة الانتخابية، وكان أمله أن يبدأ، أمس الاثنين، وقف لإطلاق النار في غزة، ليس حباً في الفلسطينيين، إنما لكسب تأييد داخلي يدفع به مطمئناً إلى السباق الرئاسي المنتظر. وتصدى الرئيس الأمريكي بنفسه منذ إيام لإعلان موعد وقف إطلاق النار الذي لم يحدث، ولا تزال المفاوضات دائرة بشأنه وبنود أخرى.

لم يكن هناك ما يشي بأن الاتفاق وشيك، ولا بأن الموعد محسوم، وكان الأمر مجرد رهان لبايدن خيّبته جولات التفاوض وتأرجحها بين الانفراج والتعقد. وخيب رهان بايدن أيضاً نتنياهو، وربما يكون ذلك قشرة الخلاف العابر، فرئيس الوزراء الإسرائيلي يريد اتفاقاً يخفف محاسبته الحتمية، ويسجل له انتصاراً بأي شكل على «حماس» التي قابلت إعلان الرئيس الأمريكي عن موعد وقف إطلاق النار، الاثنين، بالقول، إنه منقطع الصلة بما يجري على الأرض.

مفاجأة بنيامين نتنياهو بإعلان الرئيس الأمريكي، وفق وصف وسائل إعلام أمريكية، هي سبب الخلاف الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى توجيه السفارة الإسرائيلية في واشنطن بعدم التعامل مع زيارة بيني غانتس، عضو مجلس الحرب، للولايات المتحدة، لأنه لم يأذن له.

وسواء كان غانتس سافر بغير إذن، أو رأى نتنياهو في برنامج زيارته العاصمة الأمريكية سطواً على منصبه، فإن الخلافات في الدوائر الإسرائيلية العسكرية والسياسية ليست طارئة، ولها وجوه عدة تظهر وتتوارى منذ بداية الحرب في غزة، لكنها لم تتفجّر على نحو يهدد الهجوم الإسرائيلي على القطاع.

وليس متوقعاً أن يهدد الخلاف بين بايدن ونتنياهو العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فالتطابق سمة مواقفهما منذ بداية الحرب في غزة، ومرة أخرى، الأمر مجرد خلاف على الأولويات والمصالح الذاتية، فالرئيس الأمريكي الذي انفرد بإعلان موعد للهدنة في غزة، عطّلت إدارته كل مبادرات وقف إطلاق النار، وأشهرت «الفيتو» في وجه كل مسعى في مجلس الأمن، وكان ذلك من دواعي استطالة الأزمة وتفاقم نتائجها على النحو الذي نراه.

ولم ترَ واشنطن ضرورة لوقف إطلاق النار في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحجة أن ذلك سيساعد «حماس» على إعادة ترتيب صفوفها ومهاجمة إسرائيل مرة أخرى، بينما الهدف هو معاونة بنيامين نتنياهو على دكّ غزة، وقتل وتجويع أهلها في الطريق إلى القضاء على الحركة.

أما وقد اقتربت المواعيد الحاسمة في مسار الانتخابات الأمريكية، فقد بادرت الولايات المتحدة إلى إسقاط مساعدات على القطاع، وترى نائبة الرئيس ضرورة للهدنة وتدفق الغوث لأهله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46snv6u9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"