جيل «زد».. صُمٌّ عُميٌ

01:37 صباحا
قراءة دقيقتين

نور المحمود

قبل أن تسأل عن المعلومة تجدها بين يديك لدرجة أنها تطاردك في كل الوسائل المتاحة على هاتفك المحمول، لذلك لم يعد البحث عن المعلومات مهمة صعبة، ولذلك أيضاً بتنا نعاني كثرة تدفق الدراسات والتصريحات والأبحاث من مختلف بقاع الأرض، وليس شرطاً أن تكون دقيقة أو تم إطلاقها بهدف علمي بريء، لكنها تخرج للنشر من أجل إحداث حالة من اثنين: إما القلق من أجل التحذير من خطر ما، وإما «الفرقعة» من أجل لفت الأنظار وإحداث ضجة وشهرة ليس أكثر.

من الدراسات التي قرأناها حديثاً، دراستان تحذر كل منهما من خطر إصابة الشباب - أو كما يطلقون عليهم «جيل زد» والمقصود بهم من ولدوا بين منتصف التسعينات ومنتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين-، بفقدان السمع تقابلها دراسة أخرى تحذر من فقدانهم للبصر، فتصاب أنت بالذهول والقلق على أبناء الأجيال الجديدة وتتساءل هل سيدخلون عالم المستقبل وهُم صمٌ عميٌ؟. تحذيرات من هنا ومعلومات من هناك تجعلنا نرسم ملامح العصر الحالي ونفكر بشكل الغد كيف سيكون؟ فقدان السمع والبصر الذي يهدد جيل «زد» يعتبر إنذاراً يؤخذ على محمل الجد وليس مجرد تهويل من علماء وباحثين، فنحن نلمس فعلياً إلى أي حد أصبح تعلق الصغار والشباب بالشاشة بمختلف أشكالها التقنية الحديثة، والتي تعزلهم عن العالم الخارجي وعن الاحتكاك بالآخرين والأهم تحرمهم من متعة النظر إلى البعيد، حتى أثناء تنقلاتهم في كل وسائل النقل البرية والجوية تراهم يحدقون بهواتفهم أو اللابتوب والآيباد.. ولا يعنيهم الالتفات لما يجري حولهم ولا تأمّل الطبيعة أو المشهد من فوق الغيوم أو الشوارع والمباني من النافذة.. وآخر الصيحات تنقل من يضعون نظارات أبل فيجن الجديدة وكأنهم داخل عالمهم الخاص معزولين عن العالم الواقعي من حولهم، حتى إن أحدهم جاء إلى حفل زفافه وهو يعيش في عالمه الافتراضي من خلال تلك النظارة! كل تلك المظاهر والوسائل تسبب طبعاً قصر النظر كما يؤكد جراح العيون البريطاني الشهير جورن وباحثون من جامعة كاليفورنيا، بأن جيل «زد» «أصبحوا يعانون بشكل متزايد قصر النظر بسبب التحديق في أجهزتهم الإلكترونية طوال اليوم بإفراط وعدم التعرض لضوء الشمس» ما يؤدي إلى العمى.

في المقابل تقول الإحصاءات العالمية إن «أكثر من مليار شاب على مستوى العالم معرضون لخطر فقدان السمع.. بسبب حالة الهوس المجنون بسماع الموسيقى الصاخبة عبر سماعات الأذن، وكذلك الضوضاء الناجمة عن الفعاليات الترفيهية حيث يفتقد بعض الأجهزة والنظم الصوتية المواصفات الفنية الدقيقة، التي تتناسب مع الأذن البشرية» بينما تؤكد إحصاءات منظمة الصحة العالمية، أن «شخصاً من بين كل ٢٠، يعاني ضعف السمع، وأن نحو ٤٦٦ مليون شخص، منهم ٣٤ مليون طفل، يعانون بالفعل من هذه المشكلة». نحن مع التطور ومع مواكبته، لكن هل نستسلم ليصبح معظم أبناء المستقبل صُمّاً عُمياً؟.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc683u76

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"