استرحام زائف

00:58 صباحا
قراءة دقيقتين
غرس الإسلام في نفس المسلم كراهية سؤال الناس، والترفع عن الدنايا، ولكن مع حلول شهر رمضان الفضيل، وما يلحقه من مناسبات وأعياد دينية واجتماعية، تتسلل إلى المجتمع ظاهرة التسول بصور مبتكرة ومتنوعة، تستدعي الجميع للتصدي لها بقوة وحسم.
التسول يشكل أحد مظاهر الابتزاز الذي يرتدي عباءة الاسترحام الزائف في أيام الشهر الفضيل، إذ يستكين أصحابه معظم أشهر السنة، لتستيقظ الظاهرة وتتفاقم في الشهر الفضيل وما تتبعه من أيام مباركة، إذ تشكل فرصة كبيرة لكسب تعاطف الضحايا بحجة تعاظم الأجر، ونيل الحسنات.
الظاهرة تتخذ أشكالاً عدة مبتكرة، لاستعطاف أفراد المجتمع، منها استخدام الأطفال في عملية التسول، أو عرض تقرير طبي، ربما يكون مفبركاً أو صادراً عن جهة صحية مجهولة، بهدف وصول المتسولين إلى ضالتهم المنشودة في جمع أكبر قدر ممكن من المال من جيوب الآخرين، فدائماً نجد متسولين أثناء جلوسنا في الأماكن العامة، أو حتى أثناء السير في الشوارع والأسواق، يتوسلون من أجل جمع المال.
وعادة ما يستغل المتسولون تلك المناسبات الدينية لاستنزاف أموال الناس، أو الحصول على جزء من أموال الزكاة والصدقة خلال شهر رمضان، وهنا ينبغي أن يعلم الجميع أن أفضل طريقة لإخراج الزكاة والصدقات تكمن في وضعها في الجمعيات الخيرية المعتمدة، لاسيما أنها جهات موثوقة تضمن وصول الصدقات والمساعدات إلى مستحقيها.
التسول جريمة اجتماعية خطرة، تهدد أفراد أي مجتمع، وعلى الرغم من وجود انخفاض تدريجي في مؤشر ضبطيات التسول منذ سنوات، إلا أن التحدي القائم أمام الجهات المعنية يكمن في تعاطف كثير من فئات المجتمع واستجابتهم للمتسولين، ما يشجعهم على الاستمرار في حيلهم والإصرار على جريمتهم، وهنا ينبغي على المواطنين والمقيمين أخذ الحيطة والحذر، وعدم الاستجابة للمتسولين حتى لا يكونوا جزءاً أصيلاً في تنامي هذه الظاهرة.
إن تجاوب أفراد المجتمع مع المتسولين داخل الدولة أو عبر الإنترنت، سلوك مرفوض، ولا يقلّ في الجرم عما يفعله مستغلو قدوم الأيام المباركة. وإن كان العطاء ثقافة دينية ومجتمعية في الإمارات، علينا أن نطبقها بالشكل الصحيح، وبطرائق مشروعة لا تقبل التشكيك، وأعلم أن المتسول يسأل الآلاف، ليستولي على حقوق المحتاجين الحقيقيين.
الجهات المعنية تعمل على قدم وساق من دون توقف لمحاربة ظاهرة التسول، لاسيما أنها أصبحت نمط حياة، ومهنة يسترزق منها البعض، ومصدراً لثراء البعض الآخر، وبات الأمر لافتاً للقاصي والداني، فالمسؤولية هنا تشمل جميع فئات المجتمع لوقف الممارسات غير الأخلاقية عبر تلك الظاهرة.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/enj2xts

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"