عراب اليورو

21:38 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبد العظيم حنفي *

في صيف عام 1980 كان الاجتماع الكبير حول التجارة العالمية والمالية، وهو عبارة عن ورشة عمل صيفية لمدة ثلاثة أسابيع في جامعة «وارويك» في إنجلترا. وقد حصلت أسعار الصرف على أعلى تقييم في «وارويك» في هذا العام. اجتاحت المنافسة الاحتكارية نظرية التجارة بسرعة وبشكل كامل. وكان الاقتصاد الجديد للتجارة الدولية مناسباً للعالم في أوائل الثمانينيات. استطاع الاقتصاديون الآن أن يروا أن التجارة الدولية تتكون من طبقتين عريضتين: التجارة الأساسية في السلع والخدمات والتي تتميز بالمنافسة الكاملة المدفوعة بالمزايا النسبية، إلى جانب مستوى أعلى من المنافسة الاحتكارية التي من خلالها يتم تحريض المؤسسات الكبرى المتعددة الجنسيات عن طريق الدعم الحكومي الصديق على شن هجمات دورية على أسواق بعضها بعضاً، وكان التخصص يتحدد وفقاً لحجم السوق. كلا نوعي التجارة سوف ينتج مكاسب مشتركة. ولكن إذا نشأت مزايا النوع الأول عن توزيع الموارد الطبيعية فإن منطق المستوى الأعلى لم يكن إلا نتيجة تاريخية - من يستطيع أن يحصل على السبق في مجال محركات جز العشب أو الطائرات أو أجهزة الحاسب الآلي. ربما يفسر ذلك نجاح اليابان، وربما يفسر ذلك نجاح IBM أو بوينج. لم يكن من الممكن أن تكون الاكتشافات الحديثة أكثر صلة. كانت الحكومات دائماً ما تتلقى الحث على تبني السياسات الصناعية، وللتشابك مع «التجارة الاستراتيجية بشكل واضح كان السؤال الوحيد هو هل كان من السهل أم من الصعب تطبيق السياسات الحديثة؟ وكانت اقتصاديات جانب العرض هي السمة المميزة لأواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، والتي ثبت أنها كانت سبباً في حيرة أولئك الذين يتبعون مسار التنمية في الاقتصاد.

لعدد قليل من السنوات المثيرة قام روبرت مندل وصديقه البروفيسور هاري جونسون بإثارة المعارك بطريقة منتظمة ضد ميلتون فريدمان حول سياسة سعر الصرف، حيث رأى فريدمان أن العملات لا بد أن يتم تعويمها بحرية. لهذا السبب يستطيع البنك المركزي أن يستمر في السيطرة على عرض النقود. ورأى مندل وجونسون أن رؤية فريدمان محكوم عليها بالفشل، لأن رأس المال أصبح متحركاً. وفي اقتصاد مفتوح، تعمل السياسة النقدية والسياسة المالية بطريقة شديدة الاختلاف معتمدتين على نظام سعر الصرف. ربح فريدمان المعركة السياسية. وبينما كان النظام الذي صممه كينز في بريتون وودز يتهاوی كان تعويم سعر العملة سرعان ما سيصبح هو القاعدة. ولكن ربح روبرت مندل (1932- 2021 ) حرب المنهجيات (وبنفس السرعة، قلب نفسه وركز على التفاصيل). واختصر الموضوع في ولع فريدمان بتحليلات التوازن الجزئي وعدم جدواها الأكيدة، في النهاية في العالم الواقعي، لم تبق جميع الأشياء الأخرى على حالها بعد ذلك. ثم أصبح لدى مندل نموذج توازن عام أوضح كيف يمكن أن يعمل كل شيء في نفس الوقت.

في حقيقة الأمر، قام مندل بتوضيح رؤيته الأكثر اتساعاً لعالم متكافل يعتمد على بعضه بعضاً بلغة إنجليزية سهلة عام 1968 في بيان صغير مدهش بعنوان «الإنسان والاقتصاد» بيّن الرؤى التي تضمّن عليها هذا البيان كما يلي: إن المنافسة يمكن أن تتخذ شكلين: تكون المنافسة شخصية عندما يمكن تحديد المتنافسين والإشارة إليهم بسهولة، وتكون المنافسة غير شخصية عندما لا يكون ذلك ممكناً. إن مهنة الاقتصاد لم تُبد أي اهتمام بالكتاب، وكان من أكثر الأشياء واقعية في رؤية «مندل» النهج النقدي للتعامل مع ميزان المدفوعات، الذي تم أخذه وتطويره من قبل أساتذة آخرين. وحصل على جائزة نوبل عام 1999. ويصفه الكثيرون بأنه عراب اليورو صاحب نظرية المنطقة المثلى للعملة التي كانت أساساً لخروج عملة الاتحاد الأوروبي الموحدة إلى النور.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ecam7jh

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"