عادي

الزوجة.. أم الأولاد ومهوى الفؤاد

23:54 مساء
قراءة 4 دقائق

قال تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) سورة النور الآية 32.

الزوجة سكن للزوج، وحرث له، وهي شريكة حياته، وربة بيته، وأم أولاده ومهوى فؤاده، وموضع سره ونجواه. وهي أهم ركن من أركان الأسرة، إذ هي المنجبة للأولاد، وعنها يرثون كثيراً من المزايا والصفات، وفي أحضانها تتكون عواطف الطفل، وتتربى مَلَكاته ويتلقى لغته، ويكتسب كثيراً من تقاليده وعاداته، ويتعرف إلى دينه ويتعود السلوك الاجتماعي.

من أجل هذا، عُنِيَ الإسلام باختيار الزوجة الصالحة، وجعلها خير متاع ينبغي التطلع إليه والحرص عليه. وليس الصلاح إلا المحافظة على الدين والتمسك بالفضائل ورعاية حق الزوج وحماية الأبناء، فهذا الذي ينبغي مراعاته.

وللزوجة المثالية علامات وصفات مميزة، يجمعها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك». أخرجه النسائي

وعن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من السعادة وثلاثة من الشقاء، فمن السعادة: المرأة الصالحة، تراها فتعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسك ومالك، والدابة تكون وطيئة، فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق. ومن الشقاء: المرأة، تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفاً، فإن ضربتها اتبعتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق» أخرجه الحاكم.

البعد عن الشقاء

يقول الشيخ أسامة نعيم مصطفى في كتابه «السعادة الزوجية وقصص الصابرين والصابرات»: هذه الصفات التي بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي تبحث عن جلب السعادة لنفسها ولزوجها، ولأن كل امرأة تتمنى أن تكون زوجة سعيدة محبوبة من زوجها ومحبة له، وناجحة في حياتها الزوجية، ولا تكون المرأة كذلك إلا بتنفيذ هذه العلامات والصفات التي بيَّنها صلى الله عليه وسلم لنساء المسلمين، ولأنه حريص على كل بيت من بيوت المسلمين أن يكون مليئاً بالسعادة والمودة والرحمة، بعيداً عن الشقاء والبغض والظلم.

ولذلك إذا نظر إليها الزوج سُرّ بها، فهي بمجرد نظر الزوج إليها تشرق الابتسامة له، فهي أجمل ما يراه الرجل بعد يوم كله تعب وعناء.

وبمجرد أن يأمرها الزوج بأمر تكون مسارعة في تنفيذه، فقدرها عنده يرتفع، وحبها في قلبه يزيد. وإذا غاب عنها زوجها حفظت نفسها عن الوقوع في الشبهات، وخطوات الشيطان، وصون جمالها وزينتها عن غيره من الرجال، وحفظت ماله من الإسراف والتبذير، وحفظت لسانها عن الشكوى من ظروف الحياة.

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على سعادة الرجال وأيضاً سعادة النساء ولذلك يذكر النبي صلى الله عليه وسلم مواصفات المرأة التي تجلب السعادة للرجل بقوله: «تخيروا لنطفكم، فأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم» وقوله صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم»، أي لا تضعوا نطفكم إلا في أصل طاهر، أي تكلفوا طلب ما هو خير المناكح وأزكاها وأبعدها عن الخبث، والمراد بالنطفة هي نطفة المني، والمعنى العام تخيروا النساء الصالحات اللاتي يكن مستقر نطفكم التي يخلق الله منها أولادكم، أو تخيروا لأولادكم أمهات صالحات بأن تتزوجوا نساء صالحات يصرن أمهات أولادكم.

وعلى ذلك يجب أن يكون اختياراً صحيحاً سليماً إذا روعيت فيه معان وضوابط معينة أشارت إليها السنة النبوية الشريفة ودلت عليها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» أخرجه البخاري.

حسن اختيار

يقول الأستاذ محمد سعيد مبيض في كتابه «الزواج الإسلامي وآداب الخطبة والزفاف والزواج»: حض الإسلام على حسن اختيار الزوج أو الزوجة من ذوي الأخلاق والصلاح والدين، يقول عليه الصلاة والسلام: «لا تتزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تتزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، وَلَأَمَةٌ ذات دين أفضل» رواه ابن ماجه.

ولئن كان الإسلام لا يعتبر الغنى والجمال عوامل أساسية في الزواج، إلا أنه لم يتجاهلها، نظراً لما فطرت عليه النفس البشرية من حب للجمال وللمال، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} سورة آل عمران الآية 14.

لذا رغَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحريصين على الزواج من جميلة أن يختاروها من ذوات الدين، ورغَّب العازمين على الزواج من غنية أو موظفة لتساعدهم على تحمل أعباء الحياة أن يختاروها من ذوات الدين، لكيلا ينشغل المسلم بالمظهر عن المخبر، فيستمتع بالجمال ويترفه بالمال ويحرم بالتالي متعة الخلق والدين.

وخير النساء من وصفهن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله «من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك» رواه النسائي والطبراني.

ويراعى بعد الاختيار أن يخضع الخاطب والمخطوبة لفحص طبي للتأكد من سلامتهما وخلوهما من الأمراض التي لا تسمح بالزواج ومن العقم ومن الأمراض الوراثية، يقول عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالولود الودود» أخرجه النسائي.

ومن أدب الإسلام أن يتقدم الرجل لخطبة من يماثله ويكافئه في السن والمركز الاجتماعي والمستوى الثقافي والاقتصادي، فإن التقارب في هذه النواحي مما يعين على دوام العشرة وبقاء الألفة والانسجام والسعادة، ففي الحديث الشريف «لا يزوج النساء إلا الأولياء ولا يُزَوَّجْنَ إلا الأكفاء».

فاحرص أيها الرجل على هذه الصفات التي بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون سعيداً في زواجك، وتعد للحياة أبناء صالحين، تحيا بهم أممهم حياة طيبة كريمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ybya8bfw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"