عادي
البيئة في الإسلام

زيادة الإنتاج الزراعي قوة اقتصادية ترتبط بالمناخ

23:12 مساء
قراءة 4 دقائق
د.أحمد كريمة - عبد الحميد الأطرش

اهتمت الشريعة الإسلامية بالزراعة، باعتبارها إحدى أدوات تحقيق القوة الاقتصادية، انطلاقاً من دعوة الإسلام لكسب الرزق الحلال واستغلال الثروات الطبيعية والعمل على عمارة الأرض، باعتبارها ضمانة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، وارتباط ذلك بالعديد من الأنشطة في المجتمع.

يقول د.أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر: إن «الزراعة من أهم الركائز الاقتصادية لبناء الدول واستقرارها، فهي صمام الأمان لتوفير الغذاء، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، وذلك يؤدي لمزيد من القوة الاقتصادية للمجتمع، لأنها أحد عناصر الاقتصاد والتنمية، وترتبط بالعديد من الأنشطة ومنها التصنيع الزراعي، كما تعتمد الثروة الحيوانية على الزراعة، وكل ذلك يؤدي لمزيد من فرص العمل وفتح أبواب الكسب الحلال أمام الناس في المجتمع، ولذلك نجد أن الشريعة الإسلامية أولتها عناية كبيرة، وبشكل أساسي ترتبط بالبيئة والمناخ، وبذلك تكون البيئة عنصراً رئيسياً في التأثير على اقتصاد المجتمع».

وتابع: «المتأمل في القرآن الكريم يجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر الزراعة في أكثر من موضع، وذلك تنبيهاً لأهميتها، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: (وَفِي الأَرضِ قِطَع مُّتَجَٰوِرَٰت وَجَنَّت مِّن أَعنَٰبٖ وَزَرع وَنَخِيل صِنوَان وَغَيرُ صِنوَانٖ يُسقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعضَهَا عَلَىٰ بَعضٖ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَومٖ يَعقِلُونَ) الآية (4) سورة الرعد، كما يقول الحق سبحانه وتعالى: (أَوَ لَم يَرَواْ أَنَّا نَسُوقُ المَآءَ إِلَى الأَرضِ الجُرُزِ فَنُخرِجُ بِهِ زَرع ا تَأكُلُ مِنهُ أَنعَٰمُهُم وَأَنفُسُهُم أَفَلَا يُبصِرُونَ) الآية (27) سورة السجدة، وفي هذه الآيات نجد المعاني الجميلة التي تعيش معها النفس ويسبح فيها الخيال ليتصور هذه الزروع والنخيل والماء».

وأضاف أن «الشريعة الإسلامية جعلت الزراعة من قبيل العبادة التي تحقق الثواب لصاحبها، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌ»، أخرجه البخاري، كما أن المزارع المجد الذي يؤدي عمله على الوجه الأكمل له مكانة كبيرة ومنزلة عظيمة، لأنه يسهم في بناء قوة الوطن، كما أنه يساعد المجتمع على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية والفاكهة، بجانب توفير المواد اللازمة للتصنيع الزراعي، وكل ذلك يؤدي أيضاً لتوفير فرص عمل، والمؤكد أن الأمة التي تملك غذاءها تملك قرارها، فالإسلام يأمر بالعمل الجاد ويحث على تعظيم الإنتاج، وكلما كانت البيئة نظيفة والماء نظيفاً والتربة ليست ملوثة، زاد الإنتاج الزراعي، ولذلك ينبغي الحرص على حماية الحدائق والمزارع من التلوث للحفاظ على جودة المحاصيل والفاكهة وعدم تعرضها للتلوث».

وأشار إلى أن اهتمام الشريعة الإسلامية بالزراعة يأتي كأحد سبل تحقيق الغذاء للمجتمع، انطلاقاً من حرص الإسلام على بناء الإنسان وتقوية المجتمع، وتحقيق الرخاء والسعادة لأفراده، لأن الاقتصاد الإسلامي يقوم على العديد من الأسس من أهمها الزراعة، ولذلك ينبغي أن يتم تشجيعها والعمل على استخدام وسائل العصر الحديثة في زراعة المحاصيل، والاستفادة من الأبحاث العلمية لزيادة إنتاج المحاصيل، بجانب مواجهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وتحقيق التوازن والانسجام بين نوع المحاصيل والبيئة المناسبة والمناخ الملائم، فهذا هو منهج الإسلام في بناء اقتصاد المجتمع.

وأوضح الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، أن الزراعة من أقدم المهن التي عرفها الإنسان، وهي مهنة شريفة لها مكانة كبيرة ودور مهم في تحقيق القوة الشاملة للمجتمع المسلم، لأنها تؤدي لتوفير السلع والمحاصيل، وتساعد على التصنيع الزراعي، وكل ذلك من أسس الاقتصاد في المجتمعات، ولذلك فإن كل ما يؤدي لصالح المجتمع هو من صميم مقاصد الأديان، وورد في القرآن الكريم الكثير من النصوص الخاصة بالزراعة، منها قول الله تعالى: (لَقَد كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسكَنِهِم ءَايَة جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖ كُلُواْ مِن رِّزقِ رَبِّكُم وَاشكُرُواْ لَهُ بَلدَة طَيِّبَة وَرَبٌّ غَفُور) الآية (15) سورة سبأ، ونجد في هذه الآية أن النص القرآني عبر عما أفاء الله عز وجل به على أهل سبأ بلفظ جنتين.

والمؤكد أن حرص الشريعة الإسلامية على الزراعة ينبغي أن يكون دافعاً للبحث عن سبل تطوير الزراعة، سواء من ناحية زيادة الإنتاج أو رفع كفاءة التربة، والبحث عن السلالات الجيدة، والعمل على مواكبة العصر ومعرفة الجديد فيما يخص الأبحاث الزراعية في العالم، والاستفادة من المؤتمرات الدولية التي تعقد في هذا المجال، وكذلك التعاون الدولي مع المنظمات المعنية، وذلك بهدف تحقيق المصلحة للوطن وزيادة الإنتاج، بجانب بذل الجهد في التعليم وتطوير المدارس والكليات والمناهج التعليمية، والاستفادة من خريجي التعليم الزراعي، والدفع بهم في سوق العمل.

ومن أجل تعظيم الفائدة وتحقيق القوة الشاملة للمجتمع، ينبغي أن يكون هناك تعاون بين الجهات القائمة على التعليم والبحث العلمي مع الزراعة والري والبحوث، وتنظيم المؤتمرات وورش العمل وتطوير قدرات المهندسين الزراعيين، والتواصل مع المزارعين ومنحهم التسهيلات التي تمكنهم من زراعة المحاصيل التي يحتاج إليها المجتمع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/42ten54w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"