عادي

باقة ضوء

23:22 مساء
قراءة دقيقتين

إعداد: عبدالرزاق إسماعيل

لا أسألكم عليه أجراً

دخل التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح على هشام بن عبد الملك، فلما رآه هشام انفرجت أساريره وقال له: مرحباً مرحباً، ها هنا ها هنا، وأجلسه معه على السرير، وكان أشراف الناس في المجلس يتحدثون فسكتوا، فقال له هشام: ما حاجتك يا أبا محمد؟ قال: يا أمير المؤمنين أهل الحرمين أهل الله وجيران رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تقسم عليهم أرزاقهم وعطاياهم، فقال: يا غلام اكتب لأهل مكة والمدينة عطاياهم وأرزاقهم لسنة، ثم قال: هل من حاجة غيرها؟ قال: أهل الحجاز وأهل نجد هم أصل العرب وقادة الإسلام ترد فيهم فضول صدقاتهم، فقال: يا غلام اكتب بأن ترد فيهم فضول صدقاتهم، ثم قال: هل من حاجة غيرها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الثغور يقاتلون عدوكم تجري لهم أرزاقهم فإنهم إن هلكوا ضاعت الثغور، قال: يا غلام اكتب بحمل أرزاقهم إليهم، ثم قال: هل من حاجة غيرها؟ قال: أهل ذمتكم لا يكلفون ما لا يطيقون، فإن ما تجبونه منهم معونة لكم على عدوكم، قال: يا غلام اكتب لأهل الذمة بألا يكلفوا ما لا يطيقون، ثم قال: هل من حاجة غيرها؟ قال: نعم، اتق الله في نفسك فإنك تموت وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، وما معك ممن ترى أحد، فأخد هشام يبكي فقام عطاء، وعند الباب تبعه رجل بكيس وقال له: إن أمير المؤمنين أمر لك بهذا، فقال: لا أسألكم عليه أجراً، إن أجري إلا على رب العالمين.

أرجعتَ يا رجل؟

تمكن الحجاج من أسر عدد من الرجال كانوا قد تمردوا عليه فأمر بقتلهم فقتلوا باستثناء واحد حالت إقامة الصلاة دون قتله، فقال الحجاج لأحد أعوانه ويدعى عنبسة: انصرف بهذا معك وائتني به غداً، ولما سار به قال الأسير: هل فيك خير؟ قال: وما ذاك؟ قال: إني والله ما خرجت على المسلمين، ولم أستحل منهم شيئاً، وعندي أموال وودائع، فتخلّ عني حتى آتي أهلي وأرد لكل ذي حق حقه، والله على ما أقول شهيد، فقال: اذهب، ولما ذهب ندم عنبسه وقال: لقد اجترأت على الحجاج، وبعد طلوع الفجر عاد الأسير إلى عنبسة فقال له مندهشاً: أرجعت يا رجل؟ قال: سبحان الله، جعلت الله تعالى شاهدي فكيف لا أعود؟ فانطلق به عنبسة إلى الحجاج وقص عليه قصته، فقال الحجاج: أتحب يا عنبسة أن أهبه لك؟ قال: نعم، قال: هو لك، فقال عنسبة للرجل: خذ أي طريق شئت، فرفع رأسه إلى السماء وقال: الحمد لله، وانصرف.

لغة الدموع

قال الشعبي: كنت جالساً عند شريح القاضي إذ دخلت امرأة تشتكي زوجها وتبكي بكاء شديداً، فقلت: ما أراها إلا مظلومة، قال: وما علمك؟ قلت: لبكائها، قال: فإن إخوة يوسف قال الله فيهم: «وجاؤوا أباهم عشاء يبكون» وهم ظالمون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2wuftd8r

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"