عادي
تخطت 10 آلاف دولار للمرة الأولى

لماذا ارتفعت أسعار الكاكاو.. وما أثر ذلك في عشاق الشوكولاتة؟

02:10 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: هشام مدخنة

ارتفعت أسعار حبوب الكاكاو على مدى عامين بشكل كبير في مارس/ آذار، مع تضاعف أسعار العقود الآجلة خلال ثلاثة أشهر لتصل إلى ضعف مستوى الرقم القياسي السابق. وهذا تطور له جذور في المزارع الصغيرة في غرب إفريقيا، ولكنه يشمل أيضاً تغير المناخ وتعقيدات في سوق العقود الآجلة.

وبلغت العقود الآجلة المتداولة في نيويورك مستوى قياسياً خلال الأسبوع الماضي، بلغ 10080 دولاراً للطن في 26 مارس، ومنذ ذلك الحين تم تداولها بأكثر من 9500 دولار، في حين أن حبوب لندن وصلت إلى نطاق 8 آلاف جنيه إسترليني (10 آلاف دولار) للطن.

قبل هذا الارتفاع، ظلت العقود الآجلة في نيويورك إلى حد كبير أقل من 3500 دولار أمريكي منذ الثمانينات.

وكانت أزمة العرض القياسية هي الدافع وراء هذه الزيادة، حيث يسير العالم على المسار الصحيح نحو عام ثالث من العجز. ومن المتوقع أن يقل الإنتاج في عام 2024 بمقدار 374 ألف طن، وفقاً للمنظمة الدولية للكاكاو، في حين تتوقع الشركة المصنعة «باري كاليبو» فجوة بنحو 500 ألف طن، أي ما يعادل نحو 10 في المئة من السوق العالمية.

وكان الدافع وراء الارتفاع الأخير جزئياً هو نوع الاضطراب المالي الذي يمكن أن يحدث عندما ترتفع السلع بسرعة كبيرة لدرجة أنها تطغى على الاستراتيجيات التي تهدف إلى الحماية من مثل هذه التقلبات. ومن المؤكد تقريباً أن النتيجة ستكون ارتفاع كلفة الشوكولاتة وتناقص حجمها. ولكن حتى لو تراجعت الأسعار عن مستوياتها الحالية، فمن المرجح أن تظل مرتفعة لسنوات مقبلة. ويحب الاقتصاديون أن يقولوا إن علاج الأسعار المرتفعة هو رفع الأسعار أكثر، لأنها من الممكن أن تؤدي إلى تخفيض الطلب، أو تحفّز زيادة العرض، أو كليهما. لكن الوضع مع الكاكاو يظهر مدى الفوضى التي قد تصل إليها هذه الفكرة على أرض الواقع، نظراً لتعقيدات السوق والحقائق المادية الصعبة، مثل المدة التي تستغرقها شجرة الكاكاو الجديدة لتنمو.

وأصبحت العقود الآجلة للكاكاو في نيويورك ولندن أغلى مما كانت عليه في أي وقت مضى بالدولار الاسمي، حيث تجاوزت المستويات المرتفعة التي شوهدت في عام 1977 عندما كان العالم يواجه نقصاً آخر في الكاكاو.

وخلافاً لمعظم المحاصيل المخصصة لأسواق السلع العالمية، لا يتم إنتاج الكاكاو عن طريق مزارع واسعة النطاق، بل عن طريق صغار المزارعين، والكثير منهم في غرب إفريقيا، حيث هيمنوا على التجارة لعقود من الزمن.

ولا يزال من المتوقع أن يوفر ساحل العاج وغانا 53% من الكاكاو في العالم في الموسم الحالي، وهي الحصة التي كانت أعلى قبل إصدارات المحاصيل الحالية.

ومن بين العوامل التي أدت إلى انخفاض الإنتاج ما يلي:

  • تراجع مستويات الأمطار في غرب إفريقيا

أدت الحقول المغمورة إلى تفاقم انتشار الأمراض، مثل مرض القرون السوداء وفيروس البراعم المنتفخة، والتي تؤدي إلى تعفن الأغصان وموت الأشجار، كما أن مخزون الأشجار يتقدم في السن.

  • تراجع أجور صغار المزارعين

وتراجعت أجور صغار المزارعين في ساحل العاج وغانا، مع تحديد الحكومات أسعار الكاكاو في كل دولة في وقت مبكر، ما يعني أن المنتجين لم يستفيدوا بعد من الارتفاع الحالي في الأسعار. وأعاقت الأجور المنخفضة قدرة المزارعين على الاستثمار في التحسينات ودرء الأمراض، ما حد من كمية الكاكاو التي يمكن أن تنتجها أشجارهم. ويمكن أن يكون النقص القياسي في الكاكاو الذي تنتجه تلك العوامل هو السبب في الاتجاه الأعلى عموماً في الأسعار، وقد أشار محللو بنك «سيتي» الشهر الماضي إلى نطاق تداول يراوح بين 7000 دولار و10000 دولار للطن.

  • الدوافع المالية

لكن حجم الارتفاع الأخير، الذي شهد ارتفاع أسعار العقود الآجلة للكاكاو في نيويورك بأكثر من 1000 دولار أمريكي خلال جلستين، دفع مراقبي السوق إلى الاعتقاد بأن الدوافع المالية تلعب دوراً أيضاً. وذلك لأن المتداولين عادة ما يلجؤون إلى سوق العقود الآجلة للتحوط من المخاطر في السوق المادية.

واتخذت بورصة إنتركونتيننتال خطوات للحفاظ على نظام الأسواق، بما في ذلك تقليل كمية الكاكاو التي يمكن للمتداولين شراؤها عبر بورصة لندن. وسيتراجع ما يسمى بحد التسليم من 75 ألف طن في مايو إلى 50 ألف طن في يوليو، وسينخفض تدريجياً حتى يصل إلى 25 ألف طن لعقد ديسمبر فصاعداً.

  • رفع أسعار الشوكولاتة

ويبذل صانعو الشوكولاتة كل ما في وسعهم لتعويض الكلف المرتفعة، مثل رفع أسعار التجزئة، وتقليص أحجام العبوات، وزيادة الكفاءة إلى الحد الأقصى، ودفع المنتجات التي تحتوي على كميات أقل من الكاكاو.

لكن هذه التحولات هي مجرد البداية: إذ تقوم الشركات بتأمين الإمدادات في وقت مبكر، وبالتالي فإن تأثير العقود الآجلة الجديدة ذات الارتفاع القياسي لم يصل بالكامل إلى رفوف البيع بالتجزئة بعد. ومن المرجح أن يشهد صانعو الشوكولاتة هذا التضخم على مدى ستة إلى 12 شهراً، ومن ثم سيواجهه المستهلكون أيضاً، وفقاً لتحليل «بلومبيرغ أنتيليجنس». كما سيشعر مصنعو الشوكولاتة وعمالهم بالضيق، إذ تم إغلاق المصانع في غانا بشكل متقطع بسبب نقص الإمدادات. كما قالت شركات تصنيع الكاكاو الكبرى «باري كاليبوت» و«بلومر شوكولاتة» إنها ستغلق منشآتها وتسرح الموظفين.

والأسعار المرتفعة مفيدة على المدى الطويل للمزارعين، الذين كانوا يحصلون على أجور منخفضة منذ فترة طويلة. ولكن حتى الآن، فإن المزارعين في أكبر الدول المنتجة في العالم هم أيضاً سيخسرون أرباحهم بسبب هذا الارتفاع.

  • تحديد أسعار الكاكاو

ويعزى وذلك إلى تحديد حكومتي ساحل العاج وغانا أسعار الكاكاو على أساس المبيعات التي تمت قبل عام. ويحصل المزارعون في ساحل العاج على 1000 فرنك إفريقي (2.22 دولار سنغافوري) للكيلوغرام الواحد، بينما يحصل المزارعون في غانا على 20928 سيدي (2134 دولاراً سنغافورياً) للطن.

وأفادت «بلومبيرغ» بأن المنتجين في ساحل العاج يضغطون من أجل زيادة الأجور مقابل حصاد منتصف المحصول الذي يبدأ في إبريل، لكن منظمي القطاع في البلاد اقترحوا إبقاء الأسعار كما هي.

وفي الوقت نفسه، يقوم المزارعون في الأسواق المحررة، مثل البرازيل والإكوادور والكاميرون ونيجيريا، بزيادة إنتاجهم للاستفادة من ارتفاع الأسعار. وتحاول البرازيل والكاميرون مضاعفة إنتاجهما بحلول نهاية هذا العقد، وتستهدف الإكوادور إنتاج 800 ألف طن بحلول عام 2030، ما قد يسمح للدولة بتجاوز غانا لتصبح ثاني أكبر منتج في العالم، خلف ساحل العاج فقط. لكن الأشجار تحتاج إلى وقت لتنمو، لذلك سوف يستغرق الأمر ثلاث سنوات على الأقل قبل أن توفر الأغصان الجديدة الإمدادات اللازمة. ويمكن لقواعد الاتحاد الأوروبي التي تمنع تجارة المنتجات المرتبطة بإزالة الغابات أن تحد أيضاً من التوسع في زراعة الكاكاو، وتؤثر في الإمدادات في أكبر منطقة مستهلكة للشوكولاتة في العالم. وعلى الجانب الآخر من المعادلة، تؤثر الشوكولاتة الباهظة الثمن بالفعل في الطلب، ما يدفع المستهلكين إلى شراء كميات أقل منها.

  • عقود قهوة الأرابيكا تتجاوز الدولارين

قالت مجموعة «سيتي» المصرفية في تقرير حديث، إن الارتفاع القياسي لأسعار الكاكاو والبن يمكن أن يستمر خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى الظروف الجوية المعاكسة، وتوقعات الطلب. وقالت «سيتي» إن أسعار البن يمكن أن ترتفع على المديين، القصير والمتوسط.

وارتفعت العقود الآجلة للقهوة العربية (أرابيكا) تسليم مايو/ أيار فوق الحاجز الرئيسي البالغ دولارين للرطل، ما أدى إلى ارتفاع جديد لهذا العام. وقال أكاش دوشي، كبير استراتيجيي السلع في «سيتي»، في مذكرة بحثية: «يمكن أن تعزى الخطوة الحالية، إلى حد كبير، إلى موجة حارة في فيتنام تؤثر في إنتاج قهوة روبوستا، ونتيجة لذلك، توفر دعماً ترحيلا لحبوب أرابيكا الممتازة».

وبحسب «سيتي» فإن حركة الأسعار الأخيرة تجاوزت هدفها القصير الأجل البالغ 1.85 دولار، وكان الفريق يستعد الآن لارتفاع على المدى القريب يصل إلى ما بين 2.1 دولار و2.2 دولار، على خلفية الظروف الجوية السيئة والمزيد من التدفقات المالية، من بين إشارات السوق الأخرى. ويتوقع التقرير أن تتداول العقود الآجلة لقهوة أرابيكا في نطاق يتراوح بين 1.88 دولار، و2.15 دولار خلال 2024، مع ترك الباب موارباً لرفع التوقعات أكثر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yejn8h9b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"