عادي

رثاء شيخة المهيري

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين
شيخة المهيري

نصرة الشكيلي*
لن أنسى ذلك اليوم الذي فُجِعْتُ فيه بخبر وفاتها.. حدث كل شيء بسرعة.. لم أستوعب مرضها لأستوعب خبر وفاتها.. شهر وأسبوعان وغادرتنا..

تعرفتُ إليها منذ 20 عاماً، منذ 2004 عندما درسنا معاً ماجستير القيادة التربوية.. كان لديها نهم في القراءة، تقرأ كل شيء يقع في يدها، باللغتين العربية والإنجليزية، منذ 2004 كان معدلها 9 في الامتحان القياسي للغة الإنجليزية الآيلتس. وهي الدرجة النهائية. أخبرتني ذات مرة عن طفولتها مع أختيها سارة وموزة، كيف كن يقرأن جميع الكتب القصصية التي تقع في أيديهن حتى التي كتبت منها باللغة الإنجليزية.

لطالما تناقشنا عن تطوير التعليم بشغف، ووضعنا وتخيلنا معاً كل الأطُر والاستراتيجيات التي تجعل من مدارسنا قبلة للعالم ليستقوا منا نحن العلم والمعرفة وليس العكس، ولطالما استمتعنا معاً بنقاشاتنا التربوية العميقة، وتخيلنا الإمارات وهي تتفوق على جميع دول العالم، وتأتي في المرتبة الأولى.

وعلى الصعيد الفني كانت شيخة متذوقة فريدة للفن والرسم، وكان دأبها زيارة متاحف الكبار حول العالم لرؤية لوحات رامبرانت الضخمة، وكذلك لوحات فان كوخ وبيكاسو وغيرهم، كانت نقاشاتنا الفنية ممتعة، أخبرتها ذات مرة بأنني زرت متحف فان كوخ الرسمي مع بناتي في أمستردام، وصدمتي بعدم وجود البورتريه الشهير الذي رسم فيه نفسه، وبأنني وجدتُه أخيراً في متحف ذا متروبوليتان بنيويورك، وذات مرة، أخبرتها برغبتي في إنشاء مرسم في حديقة منزلي لأمارس الرسم والخط العربي، فطلبت مني الانتظار حتى نتقاعد ونرسم معاً.

أما عن اهتمامها بالتغذية الصحية والزراعة فحدث ولا حرج، فقد كانت حريصة على إعداد وجباتها بنفسها مع استخدام أجود المنتجات الطازجة التي كانت تحرص على زراعتها في حديقة منزلها.

كنت أنتظر أن تنتقل لبيتها الجديد في مدينة محمد بن زايد التي أسكن بها، لنتمشى معاً في مماشيها الحديثة الجميلة الني تم استحداثها مؤخراً.

عندما زرتها في المستشفى قبل وفاتها بأسبوع تقريباً كنا نعدد أنا وأختها وزائراتها المخبوزات الرائعة التي اعتادت على إعدادها، وكانت كل واحدة منا تطلب منها طبقاً لتعده لنا بعد خروجها من المستشفى سالمة معافاة، ولكن إرادة الله فوق كل شيء، ولا بد أن الله عز وجل قد اختار لها الأفضل، أسأل الله أن يبدلها بدار خيرٍ من دارها.

شيخة كانت ترعى الأيتام رحيمة بهم، كما أنها بنت مدرسة للمسلمين في الهند، فادعوا لها دوماً بالرحمة والمغفرة وأن يسكنها الله فسيح جناته.
*دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryk4e7h

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"