القاهرة: «الخليج»
بعد المعاناة مع المرض ومحنة الاعتقال رحل جرامشي، وتلقى العالم بدهشة صاعقة نبأ وفاته، فالحملة التي أطلقت من أجل حريته، لم تفد في شيء، لأنّه ما إن غادر عتبة السجن حتى مات، وظهرت في ذلك العام – بعد وفاته - أعماله التي كتبها في زنزانته، فقد اعتقل في روما مساء يوم 8 نوفمبر 1926 في بيت كان قد استأجر فيه غرفة مفروشة.
أمضى خمس سنوات في الاعتقال، بتهمة التآمر ضد سلطات الدولة وإثارة الحرب الأهلية، والتحريض على الكراهية الطبقية وتمجيد الجريمة والدعاية الهدامة، وتم الانتهاء من التحقيق معه في مايو 1928، وحكم عليه بالسجن عشرين سنة وأربعة أشهر وخمسة أيام، وفي يوليو عام 1928 تم إيداعه السجن بالزنزانة رقم 7047 التي لم يغادرها إلا ميتاً.
* حالة سيئة
كانت حالته في السجن سيئة، وكان مصاباً بالوهن باستمرار، وفي رسائل السجن «رسائل أنطونيو جرامشي إلى أمه 1926 – 1934» (ترجمة سعيد بوكرامي) نلاحظ أنّه يثير دائماً مسألة وضعه الصحي، محاولاً قدر المستطاع إقناع أمه بأنّه يتمتع بصحة جيدة، ومعنويات عالية، تمكنانه من الاستمرار في المقاومة، ولكن الحقيقة التي حاول إخفاءها هي أنّه كان أقل مقاومة وأكثر هشاشة، إذ كان يعاني متاعب في المعدة واضطرابات معوية تدفعه إلى بصق الدم، كما كان يعاني الصداع النصفي المزمن والأرق المستمر، ولم يكن ينام أكثر من ساعتين في أربع وعشرين ساعة، وعندما يستسلم لغفوة من النوم كان الحارس يتولى إزعاجه، بفتح وإغلاق الزنزانة محدثاً ضوضاء متعمدة، وما إن يستيقظ حتى يفقد قدرته على العودة إلى النوم ثانية، ولم يكن يستطيع هضم الطعام، ولا يثق في الأطباء، لكنه كان يستجيب للعلاج في محاولة منه للبقاء على قيد الحياة.
رغم المعاناة النفسية والجسدية، وعدم قدرته على توفير الوثائق، تمكن من كتابة 3 آلاف صفحة بخط اليد، حلل خلالها دور المثقفين الإيطاليين على مر التاريخ، وتظهر التراجيديا التي عاشها في رسائله، سواء تلك التي أرسلها إلى أمه أو أصدقائه أو أفراد عائلته.
*تعاطف عالمي
كان المصير الجهنمي الذي يواجهه من قبل الفاشية يثير الاحتجاجات العالمية في فرنسا بقيادة رومان رولان، وهنري بربوس وآخرين، وفي إنجلترا احتج رئيس أساقفة كانتربري، ما اضطر موسوليني إلى التراجع أو التظاهر بذلك، فتم ترحيل جرامشي من السجن إلى مصحة، ثم اقتيد إلى عيادة في روما، لكن بعد فوات الأوان.
كان جرامشي قد اعتقل أول مرة في يوليو 1919 وفي عام 1924 انتخب نائباً في البرلمان، وفي الثامن من نوفمبر أودع السجن بأمر من موسوليني، حيث أمضى العشر سنوات الأخيرة من عمره، وكان قد تعرف إلى زوجته في دار للنقاهة بموسكو في أوائل عام 1923 وأنجب منها طفله الأول.
*إنجاز
نشرت رسائل من السجن لأول مرة في إيطاليا عام 1947 وحصدت نجاحاً كبيراً، ثم تعاقب نشرها لتجمع في 6 مجلدات رفقة 32 دفتراً، كتبها في السجن عن المادية التاريخية وفلسفة بنديتو كروتشه والمثقفين وتنظيم الثقافة، وملاحظات عن مكيافيللي والسياسة والأدب والدولة الحديثة في الماضي والحاضر، مخلفاً إرثاً لا يمكن لأي إنسان يحب المعرفة أن يتجاهل هذا الإنجاز المعرفي المرجعي العظيم.
كان جرامشي قد كتب خلال العشر سنوات التي قضاها في السجن مئات الرسائل، يستعرض فيها انشغالاته الثقافية والفكرية والأخلاقية والإنسانية العميقة، وعلاقته بأسرته وأصدقائه، وهي في نهاية المطاف رسائل توثيقية لمرحلة زمنية حاول خلالها العيش بحرية وعدالة.
بعد المعاناة مع المرض ومحنة الاعتقال رحل جرامشي، وتلقى العالم بدهشة صاعقة نبأ وفاته، فالحملة التي أطلقت من أجل حريته، لم تفد في شيء، لأنّه ما إن غادر عتبة السجن حتى مات، وظهرت في ذلك العام – بعد وفاته - أعماله التي كتبها في زنزانته، فقد اعتقل في روما مساء يوم 8 نوفمبر 1926 في بيت كان قد استأجر فيه غرفة مفروشة.
أمضى خمس سنوات في الاعتقال، بتهمة التآمر ضد سلطات الدولة وإثارة الحرب الأهلية، والتحريض على الكراهية الطبقية وتمجيد الجريمة والدعاية الهدامة، وتم الانتهاء من التحقيق معه في مايو 1928، وحكم عليه بالسجن عشرين سنة وأربعة أشهر وخمسة أيام، وفي يوليو عام 1928 تم إيداعه السجن بالزنزانة رقم 7047 التي لم يغادرها إلا ميتاً.
* حالة سيئة
كانت حالته في السجن سيئة، وكان مصاباً بالوهن باستمرار، وفي رسائل السجن «رسائل أنطونيو جرامشي إلى أمه 1926 – 1934» (ترجمة سعيد بوكرامي) نلاحظ أنّه يثير دائماً مسألة وضعه الصحي، محاولاً قدر المستطاع إقناع أمه بأنّه يتمتع بصحة جيدة، ومعنويات عالية، تمكنانه من الاستمرار في المقاومة، ولكن الحقيقة التي حاول إخفاءها هي أنّه كان أقل مقاومة وأكثر هشاشة، إذ كان يعاني متاعب في المعدة واضطرابات معوية تدفعه إلى بصق الدم، كما كان يعاني الصداع النصفي المزمن والأرق المستمر، ولم يكن ينام أكثر من ساعتين في أربع وعشرين ساعة، وعندما يستسلم لغفوة من النوم كان الحارس يتولى إزعاجه، بفتح وإغلاق الزنزانة محدثاً ضوضاء متعمدة، وما إن يستيقظ حتى يفقد قدرته على العودة إلى النوم ثانية، ولم يكن يستطيع هضم الطعام، ولا يثق في الأطباء، لكنه كان يستجيب للعلاج في محاولة منه للبقاء على قيد الحياة.
رغم المعاناة النفسية والجسدية، وعدم قدرته على توفير الوثائق، تمكن من كتابة 3 آلاف صفحة بخط اليد، حلل خلالها دور المثقفين الإيطاليين على مر التاريخ، وتظهر التراجيديا التي عاشها في رسائله، سواء تلك التي أرسلها إلى أمه أو أصدقائه أو أفراد عائلته.
*تعاطف عالمي
كان المصير الجهنمي الذي يواجهه من قبل الفاشية يثير الاحتجاجات العالمية في فرنسا بقيادة رومان رولان، وهنري بربوس وآخرين، وفي إنجلترا احتج رئيس أساقفة كانتربري، ما اضطر موسوليني إلى التراجع أو التظاهر بذلك، فتم ترحيل جرامشي من السجن إلى مصحة، ثم اقتيد إلى عيادة في روما، لكن بعد فوات الأوان.
كان جرامشي قد اعتقل أول مرة في يوليو 1919 وفي عام 1924 انتخب نائباً في البرلمان، وفي الثامن من نوفمبر أودع السجن بأمر من موسوليني، حيث أمضى العشر سنوات الأخيرة من عمره، وكان قد تعرف إلى زوجته في دار للنقاهة بموسكو في أوائل عام 1923 وأنجب منها طفله الأول.
*إنجاز
نشرت رسائل من السجن لأول مرة في إيطاليا عام 1947 وحصدت نجاحاً كبيراً، ثم تعاقب نشرها لتجمع في 6 مجلدات رفقة 32 دفتراً، كتبها في السجن عن المادية التاريخية وفلسفة بنديتو كروتشه والمثقفين وتنظيم الثقافة، وملاحظات عن مكيافيللي والسياسة والأدب والدولة الحديثة في الماضي والحاضر، مخلفاً إرثاً لا يمكن لأي إنسان يحب المعرفة أن يتجاهل هذا الإنجاز المعرفي المرجعي العظيم.
كان جرامشي قد كتب خلال العشر سنوات التي قضاها في السجن مئات الرسائل، يستعرض فيها انشغالاته الثقافية والفكرية والأخلاقية والإنسانية العميقة، وعلاقته بأسرته وأصدقائه، وهي في نهاية المطاف رسائل توثيقية لمرحلة زمنية حاول خلالها العيش بحرية وعدالة.