حقق دونالد ترامب نتائج أقوى بكثير مما كان متوقعاً، ما أربك استطلاعات الرأي للمرة الثالثة على التوالي، حيث كانت التوقعات تشير إلى سباق انتخابي متقارب للغاية.
كان من المتوقع أن يستحوذ الجمهوريون على مجلس الشيوخ، ويقلبوا سيطرة الديمقراطيين الضئيلة (51-49)، ولكن يبدو أن الجمهوريين قد يحصلون على ما بين 54 و55 مقعداً، مما يقلل من خطر أن يقوم سيناتور معتدل أو اثنان بعرقلة أجندة الرئيس.
قبل هذه الانتخابات، كانت الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب محدودة بـ11 مقعداً من أصل 435. لذا إذا تمكن الديمقراطيون من الحصول على خمسة مقاعد، فبإمكانهم عرقلة أجندة ترامب على جبهات إلغاء القيود والضرائب والإنفاق، إن لم يكن على جبهات السياسة الخارجية والتعريفات الجمركية.
نتيجة انتخابات مجلس النواب ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كنا سنشهد سيناريو «ترامب 2.0» أو حالة من الجمود. وإذا كان هناك فارق بسيط بين المقاعد في بعض الولايات التي تحتاج إلى وقت أطول في العد، مثل كاليفورنيا، فقد يستغرق الوصول إلى النتيجة النهائية عدة أيام. وقد تكون أي أغلبية للجمهوريين في مجلس النواب صغيرة، مما يعكس بعض الهشاشة في قدرتهم على تمرير الأجندة، بينما ستحتاج أي أغلبية للديمقراطيين إلى انضباط كبير للوقوف في وجه الأجندة الجمهورية.
- كيف تستجيب الأسواق المالية؟
تستجيب الأسواق بشكل يتماشى مع سيناريو فوز ترامب، حيث شهدنا ما يُعرف بـ«التداول على ترامب» في الأسابيع الأخيرة، حين بدأت فرصه الانتخابية تزداد بوضوح، وفقاً لبعض المؤشرات. يُتوقع أن يسعى ترامب لفرض تعريفات جمركية على الدول المصدرة للولايات المتحدة، وخاصة الصين، إضافة إلى خفض الضرائب وتقليص التنظيمات إذا احتفظ الجمهوريون بالسيطرة على الكونغرس.
- أسواق الأسهم: ارتفعت مؤشرات الأسهم الأمريكية ليلة الانتخابات مع وضوح قوة ترامب في المشهد الانتخابي. وسجل مؤشر رسل2000 للشركات الصغيرة ارتفاعاً بنسبة تقارب 6%، متفوقاً على الارتفاع في مؤشرات الشركات الكبرى مثل ستاندرد آند بورز 500 وافتتحت الأسواق الأوروبية على انخفاض في البداية، لكنها تعافت صباحاً. والجدير بالذكر أن الشركات الصغيرة ستستفيد فقط في حالة «ترامب 2.0»، وهو السيناريو المطلوب لتمرير تخفيضات ضريبية جديدة للشركات عبر الكونغرس.
القطاعات المستفيدة من فوز ترامب
|
عوائد السندات
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية على نطاق واسع، نتيجة توقعات بأن إدارة ترامب ستزيد من مخاطر التضخم من خلال أجندة مؤيدة للنمو تشمل تخفيضات ضريبية وتخفيف القيود، مما قد يدفع القطاع المالي نحو مزيد من الاستدانة. هذا وقد تؤدي سياسات ترامب إلى ارتفاع العجز المالي بشكل كبير، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن أجندة «ترامب 2.0» قد تضيف ما بين 5 إلى 7 تريليونات دولار من العجز خلال العقد القادم. في أوروبا، انخفضت عوائد السندات بشكل ملحوظ، ربما بسبب التهديدات التي قد يواجهها النمو الأوروبي بسبب رسوم ترامب.
الدولار الأمريكي
ارتفع الدولار الأمريكي بقوة مقابل معظم العملات. ومن المثير للاهتمام أنه ارتفع أكثر مقابل اليورو منه مقابل الين الياباني، حيث كان من المتوقع أن يكون الأخير أكثر حساسية للتغيرات في عوائد سندات الخزانة الأمريكية. وتعتبر اليابان شريكاً تجارياً أكبر مع الولايات المتحدة كنسبة من الاقتصاد الياباني. كما انخفض البيزو المكسيكي بنسبة نحوالي 2.3%، حيث يُخشى أن تؤدي سياسة الرسوم الجمركية لترامب إلى تشجيع الشركات على تجنب الإنتاج في المكسيك والتصدير إلى الولايات المتحدة. وتراجع اليوان الصيني أيضاً مقابل الدولار الأمريكي، إذ فرض ترامب رسوماً جمركية كبيرة على المنتجات الصينية.
نقاط يجب مراقبتها من الآن فصاعداً
بالإضافة إلى السؤال المحوري حول ما إذا كنا سنشهد سيناريو «ترامب 2.0» الكامل أو حالة من الجمود السياسي، تجب متابعة المخاطر التي قد تواجه الولايات المتحدة مع نهاية العام ومع دخول الإدارة الجديدة إذا أصبح سقف الدين سارياً في 1 يناير. يمكن أن يتسبب هذا في اضطرابات في الأسواق، خاصة إذا استمر الجمود في الكونغرس بعد بداية العام.
كما تجب متابعة سوق سندات الخزانة الأمريكية وما إذا كانت العوائد ستستمر في الارتفاع. حيث يمكن، في مرحلة ما، أن تبدأ العوائد المرتفعة في الضغط على أسعار الأسهم، خاصة إذا اقتربت من مستويات الذروة التي شهدناها العام الماضي فوق 5% لعائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات. كيف سيتصرف الاحتياطي الفيدرالي بعد معرفة نتائج الانتخابات الأمريكية؟ قد يؤدي أي تصاعد للتضخم إلى تراجع التوقعات بتخفيف السياسة النقدية.